غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ) عَامِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ لِلْمُجْتَهِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] (وَقِيلَ بِشَرْطِ تَبَيُّنِ صِحَّةِ اجْتِهَادِهِ) بِأَنْ يَتَبَيَّنَ مُسْتَنَدُهُ لِيَسْلَمَ مِنْ لُزُومِ اتِّبَاعِهِ فِي الْخَطَأِ الْجَائِزِ عَلَيْهِ.

(وَمَنَعَ الْأُسْتَاذُ) أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (التَّقْلِيدَ فِي الْقَوَاطِعِ) كَالْعَقَائِدِ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهَا.

(وَقِيلَ لَا يُقَلِّدُ عَالِمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا) ؛ لِأَنَّ لَهُ صَلَاحِيَّةَ أَخْذِ الْحُكْمِ مِنْ الدَّلِيلِ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ.

(أَمَّا ظَانُّ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ لِمُخَالَفَتِهِ) بِهِ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ اجْتِهَادِهِ.

(وَكَذَا الْمُجْتَهِدُ) أَيْ مَنْ هُوَ بِصِفَاتِ الِاجْتِهَادِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ فِيمَا يَقَعُ لَهُ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِيهِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لِلتَّقْلِيدِ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ الْأَصْلِ الْمُمْكِنِ إلَى بَدَلِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ، وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ لِلتَّقْلِيدِ فِيهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي بِاعْتِبَارِهِ يُفِيدُ الْحُكْمَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْمُجْتَهِدِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ) أَيْ الْمُطْلَقُ أَيْ وَيَلْزَمُ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي ثُمَّ إنَّ هَذَا شَامِلٌ لِلْعَقْلِيَّاتِ كَالْعَقَائِدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَنَعَ الْأُسْتَاذُ التَّقْلِيدَ فِي الْقَوَاطِعِ أَيْ كَالْعَقَائِدِ فَإِنَّهُ يَقْضِي التَّعْمِيمَ هُنَا وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَقِلُّ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ بِمَعْرِفَةِ الْبُرْهَانِ الْعَقْلِيِّ وَهُمْ كَثِيرُونَ لَمْ يَصِلُوا فِي الْفُرُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ تَقْلِيدُ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ بَلْ الْمَطْلُوبُ عَدَمُ التَّقْلِيدِ فِي الْعَقَائِدِ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا الْعُمُومَ غَيْرُ مُرَادٍ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْكَلَامَ مَسُوقٌ فِي التَّقْلِيدِ فِي الْفُرُوعِ لَا مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُ التَّقْلِيدُ أَيْ فِي خُصُوصِ الْفُرُوعِ لَا مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَرَادَ بِهِ الْعِلْمَ غَيْرَ الْمُجْتَهَدِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ عَامِّيٌّ وَلَيْسَ فَقِيهًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُطْبِقُ عَلَيْهِ فَقِيهٌ أَيْضًا لِمَا أَسْلَفْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْفَقِيهَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَيُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدَ الْمُطْلَقَ فِيمَا عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ جَوَازِ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: لِيَسْلَمَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ؛ لِأَنَّ إبْدَاءَ الْمُجْتَهِدِ مُسْتَنَدُهُ يُوجِبُ عِنْدَكُمْ اتِّبَاعَهُ مَعَ أَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ بِحَالٍ لِكَوْنِ الْبَيَانِ ظَنِّيًّا اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهَا) أَتَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأُسْتَاذَ مَنَعَ وُجُوبَ التَّقْلِيدِ فِيهَا أَوْ مَنَعَ جَوَازَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقَلِّدُ إلَخْ) مُقَابِلُ وَيَلْزَمُ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ الشَّامِلِ لِلْعَالِمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ لِيُنَاسِبَ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَيَلْزَمُ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ هُنَا الْمُجْتَهِدَ بِالْفِعْلِ فَهُوَ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الْأَقْوَالُ السِّتَّةُ أَمَّا الْمُجْتَهِدُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا ظَنُّ الْحُكْمِ إلَخْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ لَهُ أَمَّا ظَانُّ الْحُكْمِ أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ تُجْعَلْ الْوَاوُ عَاطِفَةً لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اللُّزُومِ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُجْتَهِدَ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ صَلَاحِيَّةً إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ الصَّلَاحِيَّةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُضِرِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ صَلَاحِيَّةً إلَّا لِلْمُجْتَهِدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الصَّلَاحِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْعُلَمَاءِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا ظَانُّ الْحُكْمِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ فَهَذَا مُجْتَهِدٌ بِالْفِعْلِ وَمَا بَعْدَهُ مُجْتَهِدٌ بِالْقُوَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَنْ هُوَ بِصِفَاتِ الِاجْتِهَادِ أَيْ وَلَمْ يَجْتَهِدْ بِالْفِعْلِ لِيُغَايِرَ مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عِلْمِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015