فَخَرَجَ اسْتِفْرَاغُ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَاسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ لِتَحْصِيلِ قَطْعٍ بِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ، وَالظَّنُّ الْمُحَصَّلُ هُوَ الْفِقْهُ الْمُعَرَّفُ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ إلَخْ فَلَوْ عَبَّرَ هُنَا بِالظَّنِّ بِالْأَحْكَامِ كَانَ أَحْسَنَ، وَالْفَقِيهُ فِي التَّعْرِيفِ بِمَعْنَى الْمُتَهَيِّئِ لِلْفِقْهِ مَجَازًا شَائِعًا، وَيَكُونُ بِمَا يُحَصِّلُهُ فَقِيهًا حَقِيقَةً وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْمُجْتَهِدُ الْفَقِيهُ) كَمَا قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ وَالْفَقِيهُ الْمُجْتَهِدُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدُقُ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَلِتَحَقُّقِهِ شُرُوطٌ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ أَوْ الْفَقِيهُ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ (الْبَالِغُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكْمُلْ عَقْلُهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ قَوْلُهُ (الْعَاقِلُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا تَمْيِيزَ لَهُ يَهْتَدِي بِهِ لِمَا يَقُولُهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ (أَيْ ذُو مَلَكَةٍ) هِيَ (الْهَيْئَةُ الرَّاسِخَةُ فِي النَّفْسِ) يُدْرِكُ بِهَا الْمَعْلُومَ أَيْ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَعْلَمَ وَهَذِهِ الْمَلَكَةُ الْعَقْلُ. (وَقِيلَ الْعَقْلُ نَفْسُ الْعِلْمِ) أَيْ الْإِدْرَاكُ ضَرُورِيًّا كَانَ أَوْ نَظَرِيًّا (وَقِيلَ ضَرُورِيُّهُ) فَقَطْ وَصِدْقُ الْعَاقِلِ عَلَى ذِي الْعِلْمِ النَّظَرِيِّ عَلَى هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْضُوعٌ فِي مَحَلٍّ شَرْعِيِّ الْمَزِيدِ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا يُحْتَرَزُ بِشَرْعِيٍّ عَنْهُ، وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْرَاغٌ لِذَلِكَ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فَقِيهٌ وَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ اسْتِغْنَاءً بِقَوْلِهِ فَلَا حَاجَةَ، وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِفْرَاغِ الْمُقَيَّدِ بِجَمِيعِ الْقُيُودِ الَّتِي قَبْلَهُ وَوَصْفُهُ مِنْ حَيْثُ آخِرًا إشَارَةٌ إلَى وُقُوعِهِ مَوْقِعَ شَرْعِيٍّ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. نَاصِرٌ.
(قَوْلُهُ: بِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ) قَيَّدَ بِالْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ حَاصِلٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: كَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ قَالَ النَّاصِرُ: وَالْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ تَجَزِّي الِاجْتِهَادِ مَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: مَجَازًا شَائِعًا) مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْفَقِيهِ عَلَى الْمُتَهَيِّئِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَيُجَابُ بِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَاللُّغَةُ كَذَلِكَ، وَصَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي اصْطِلَاحِ هَذَا الْفَنِّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْفَقِيهِ الْمُتَهَيِّئُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدُقُ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ التَّعْرِيفِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ بَيَانٍ لِمَا صَدَقَ فَتَسَاوَى الْأَفْرَادُ وَاخْتَلَفَ الْمَفْهُومُ (قَوْلُهُ: وَيَتَحَقَّقُ بِشُرُوطٍ) شُرُوطُ التَّحَقُّقِ هِيَ أَخَصُّ الشُّرُوطِ وَأَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَ الْمَاهِيَّةِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِتِلْكَ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ) أَيْ كَوْنُهُ فَقِيهًا لَا مِنْ حَيْثُ مَفْهُومُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُعْتَبَرَ) عِلَّةً لِلْكَمَالِ الْمَنْفِيِّ وَحَتَّى بِمَعْنَى كَيْ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ) لَا الْمَعْلُومُ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ضَرُورِيُّهُ)