وَفِي هَذَا الْكَلَامِ تَحْقِيقٌ لِحَاصِلِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُصَدَّرِ بِهَا الْمَسْأَلَةُ وَبَيَانٌ لِمُدْرِكِهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ تَحْرِيرٌ لِمَا اتَّفَقَ مِنْهَا وَمَا اخْتَلَفَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الشَّارِحِ زَادَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ مَعَ بُلُوغِ الْكُلِّ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ تَكْلِيفِيَّةٍ لَسَلِمَ مِنْ الرَّكَاكَةِ وَلَوْ قَالَ هَلْ يُظَنُّ مِنْهُ الْمُوَافَقَةُ بَدَلَ مَا قَالَهُ لَسَلِمَ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي تَأْوِيلِهِ بِأَنْ يُقَالَ هَلْ يَغْلِبُ احْتِمَالُ الْمُوَافَقَةِ أَيْ يَجْعَلُهُ غَالِبًا أَيْ رَاجِحًا عَلَى مُقَابِلِهِ وَاحْتُرِزَ عَنْ السُّكُوتِ الْمُقْتَرِنِ بِإِمَارَةِ الرِّضَا فَإِنَّهُ إجْمَاعٌ قَطْعًا، أَوْ السُّخْطِ فَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ قَطْعًا وَعَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْ الْمَسْأَلَةُ كُلَّ الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ مُهْلَةِ النَّظَرِ فِيهَا عَادَةً فَلَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَعَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلِ ذَلِكَ هُوَ مُدْرِكٌ ذَاكَ أَيْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ يَعْنِي الْمُدْرِكَ الَّذِي سَبَقَ بَيَانُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْعُلَمَاءِ إلَخْ فَالْمُدْرَكُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ كَوْنُ الْعَادَةِ تُفِيدُ ظَنَّ مُوَافَقَةِ السَّاكِتِ لِلْقَائِلِ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا الْكَلَامِ تَحْقِيقٌ إلَخْ) الْمُشَارُ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا إلَخْ وَبَيَانُ ذَلِكَ التَّحْقِيقِ أَنَّ مُفَادَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ إجْمَاعٌ حَقِيقَةً فَيَكُونُ حُجَّةً وَهُوَ حَاصِلُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ حُجَّةً وَهُوَ حَاصِلُ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبَيَانٌ لِمُدْرَكِهِ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَثَارُهُ إلَخْ فَمُدْرَكُ حَاصِلِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَنَّ السُّكُوتَ الْمَذْكُورَ يَغْلِبُ ظَنَّ الْمُوَافَقَةِ وَمُدْرَكُ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّكُوتَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لِمَا اتَّفَقَ مِنْهُمَا) وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَقَوْلُهُ وَمَا اخْتَلَفَ أَيْ وَهُمَا الْقَوْلَانِ مَعَ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُخِّرَ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ عَنْ رَكَاكَةٍ أَيْضًا لِتَكَرُّرِ لَفْظِ عَنْ بِدُونِ فَصْلٍ طَوِيلٍ نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ بِلَفْظٍ فِي بَدَلٍ عَنْ الثَّانِيَةِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّقْدِيمِ لَسَلِمَ مِنْ الرَّكَاكَةِ مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الرَّكَاكَةِ) الْحَاصِلَةِ بِالْفِعْلِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ بِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ قَوْلَهُ عَنْ مِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالسُّكُوتِ وَقَوْلُهُ مَعَ بُلُوغِ إلَخْ فَاصِلٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ وَرُدَّ بِأَنَّ مَعَ أَيْضًا مَعْمُولَةٌ لَهُ عَلَى أَنَّهَا ظَرْفٌ لَغْوٌ فَلَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّكَاكَةَ مِنْ حَيْثُ تَأْخِيرُ الْأَهَمِّ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ حَالٌّ (قَوْلُهُ: لَسَلِمَ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي تَأْوِيلِهِ) بِأَنْ يُرَادَ بِالظَّنِّ الِاحْتِمَالُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الرَّاجِحِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ أَنَّ أَصْلَ الظِّلِّ غَيْرُ كَافٍ فَضْلًا عَنْ