لِأَنَّ بَحْثَهُ فِيهِ لَا فِي الْمَعْنَى النَّفْسِيِّ (فَإِنْ أَفَادَ) أَيْ مَا صَدَقَ اللِّسَانِيِّ (بِالْوَضْعِ طَلَبًا فَطَلَبُ ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ) أَيْ اللَّفْظِ الْمُفِيدِ لِطَلَبِ ذَلِكَ (اسْتِفْهَامٌ) نَحْوُ مَا هَذَا (وَ) طَلَبُ (تَحْصِيلِهَا أَوْ تَحْصِيلِ طَلَبِ الْكَفِّ عَنْهَا) أَيْ اللَّفْظِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ (أَمْرٌ وَنَهْيٌ) نَحْوُ قُمْ وَلَا تَقْعُدْ (وَلَوْ) كَانَ طَلَبُ تَحْصِيلِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُلْتَمِسٍ) أَيْ مُسَاوٍ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَةً (وَسَائِلٍ) أَيْ دُونَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ رُتْبَةً، فَإِنَّ اللَّفْظِ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ مِنْهُمَا يُسَمَّى أَمْرًا وَنَهْيًا، وَقِيلَ: لَا بَلْ يُسَمَّى مِنْ الْأَوَّلِ الْتِمَاسًا وَمِنْ الثَّانِي سُؤَالًا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ بِالْحَاصِلِ بِالصِّيغَةِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَحْثَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَفِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ هُوَ الْكَلَامُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا صَدَقَاتِ اللِّسَانِيِّ) أَعَادَ الضَّمِيرَ إلَيْهِ دُونَ الْمُرَكَّبِ أَوْ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَسَّمُ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ بِاعْتِبَارِ مَا صَدَقَاتِهِ دُونَ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذِكْرَ عَوَارِضِهَا فَيَشْمَلُ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ الْوَصْفِ وَعَنْ التَّعْيِينِ فَذُكِرَ بِضَمِّ الذَّالِ أَيْ عِلْمُهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اسْتِفْهَامٌ وَذَلِكَ نَحْوُ مَا الْإِنْسَانُ، أَوْ تَعْيِينُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا نَحْوُ مَنْ عِنْدَك أَزَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو أَوْ بَيَانُ حَالِ الْفَرْدِ نَحْوُ كَيْفَ زَيْدٌ أَوْ زَمَانِهِ نَحْوُ مَتَى السَّفَرُ أَوْ مَكَانِهِ نَحْوُ أَيْنَ زَيْدٌ أَوْ التَّصْدِيقِ بِهِ نَحْوُ هَلْ الْحَرَكَةُ الْمَوْجُودَةُ دَائِمًا، أَوْ وَصْفِهِ نَحْوُ هَلْ أَخْصَبَ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ تَحْصِيلِهَا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْمَطْلُوبُ بِالِاسْتِفْهَامِ طَلَبُ ذِكْرِ الْمَاهِيَّةِ أَيْ طَلَبُ الْمُسْتَفْهِمِ مِنْ الْمُخَاطَبِ إفَادَتَهُ إيَّاهَا كَمَا قَالَ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ: إنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ هُوَ تَفْهِيمُ الْمُخَاطَبِ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَالتَّفْهِيمُ فِعْلٌ بِلَا اشْتِبَاهٍ اهـ.

أَيْ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَهِّمْنِي وَعَلِّمْنِي فَرْقٌ؛ إذْ الْمَطْلُوبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْهِيمُ الْمُتَكَلِّمِ، وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَعْدَ تَمْهِيدِ مُقَدِّمَةٍ ذَكَرَ فِيهَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْوُجُودِ الظِّلِّيِّ وَالْوُجُودِ الْأَصْلِيِّ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الِاسْتِفْهَامِ وُجُودُ النِّسْبَةِ الْمُسْتَفْهَمَةِ بِوُجُودٍ ظِلِّيٍّ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِلِاتِّصَافِ بِصُورَتِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفْهِمَ لَيْسَ غَرَضُهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِيَّة إلَّا أَنْ يُحَصِّلَ الْمُخَاطَبُ فِي ذِهْنِهِ تِلْكَ النِّسْبَةَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا

وَالْفَرْضُ مِنْ الْأَمْرِ اتِّصَافُ الْفَاعِلِ بِالْحَدَثِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ جَوْهَرِهِ وَوُقُوعِهِ عَلَى الْمَفْعُولِ لَا حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَلْزِمُهُ فِي بَعْضِ الْأَوَامِرِ بِوَاسِطَةِ كَوْنِهِ أَثَرًا لِذَلِكَ الْحَدَثِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ كَمَا فِي فَهِّمْنِي، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: أَطْلُبُ مِنْك تَفْهِيمًا وَاقِعًا عَلَيَّ كَمَا أَنَّ اضْرِبْنِي أَطْلُبُ مِنْك ضَرْبًا وَاقِعًا عَلَيَّ إلَّا أَنَّ التَّفْهِيمَ لَمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا بِحُصُولِ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ اقْتَضَاهُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَثَرُ التَّفْهِيمِ كَمَا أَنَّ حُصُولَ الضَّرْبِ اقْتَضَى حُصُولَ أَثَرِهِ فِي الْخَارِجِ، وَهُوَ الْأَلَمُ. فَحُصُولُ شَيْءٍ فِي الذِّهْنِ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ وَغَرَضُهُ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَثَرُ التَّفْهِيمِ قَالَ فَظَهَرَ لَك بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَرْقَ دَقِيقٌ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ صَادِقٍ غَفَلَ عَنْهُ الْقَاصِرُ وَحَسِبُوهُ هَيِّنًا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَحْصِيلُ طَلَبِ الْكَفِّ) قَالَ سم يَرِدُ عَلَيْهِ اُكْفُفْ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ النَّهْيِ وَهُوَ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْكَفِّ عَنْهَا دُونَ حَدِّ الْأَمْرِ وَهُوَ طَلَبُ تَحْصِيلِهَا فَلَا يَكُونُ حَدُّ الْأَمْرِ جَامِعًا وَلَا حَدُّ النَّهْيِ مَانِعًا وَنَحْوُ يَا زَيْدُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ طَلَبَ تَحْصِيلِ مَاهِيَّةِ الْإِقْبَالِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْحُدُودَ الضِّمْنِيَّةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ التَّقْسِيمِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا الْمُؤَاخَذَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُمْ تَسَمَّحُوا فِي تَفْسِيرِ النِّدَاءِ بِطَلَبِ الْإِقْبَالِ، وَإِنَّمَا طَلَبُ الْإِقْبَالِ لَازِمٌ لِمَعْنَاهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا الشَّرِيفُ: إنَّ النِّدَاءَ وُضِعَ لِتَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ طَلَبُ الْإِقْبَالِ اهـ. وَأَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ الضِّمْنِيَّةَ إلَخْ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَوْلَى إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّقْسِيمِ

وَأَمَّا تَعَارِيفُ الْأَقْسَامِ فَحَاصِلَةٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَلَكِنْ الْمُحَقِّقُونَ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُونَ عَلَى التَّعَارِيفِ الضِّمْنِيَّةِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا حَقَّقَهُ الْفَاضِلُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي النَّهْيِ هُوَ الْكَفُّ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ الْكَفِّ الْمَطْلُوبِ سَوَاءٌ كَانَ كَفًّا أَوْ غَيْرَهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ لَا تَكْفُفْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْكَفُّ عَنْ الْكَفِّ الْمَطْلُوبِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ اُكْفُفْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْكَفُّ لَا الْكَفُّ عَنْ شَيْءٍ، وَكَذَا اُكْفُفْ عَنْ الزِّنَا مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015