حَيْثُ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَأَسِّينَا بِهِ فِي الْفِعْلِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ

(وَإِنْ كَانَ) الْقَوْلُ (خَاصًّا بِنَا) كَأَنْ قَالَ يَجِبُ عَلَيْكُمْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (فَلَا مُعَارَضَةَ فِيهِ) أَيْ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ لَهُ (وَفِي الْأُمَّةِ الْمُتَأَخِّرُ) مِنْهُمَا بِأَنْ عُلِمَ (نَاسِخٌ) لِلْمُتَقَدِّمِ (إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّأَسِّي) بِهِ فِي الْفِعْلِ (فَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ فَثَالِثُهَا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْقَوْلِ) وَقِيلَ بِالْفِعْلِ، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ عَنْ الْعَمَلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا بِالْعِلْمِ بِحُكْمِهِ لِنَعْمَلَ بِهِ بِخِلَافِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّرْجِيحِ فِيهِ، وَإِنْ رَجَّحَ الْآمِدِيُّ تَقَدُّمَ الْقَوْلِ فِيهِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ فِي الْفِعْلِ فَلَا تَعَارُضَ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْفِعْلِ فِي حَقِّنَا (وَإِنْ كَانَ) الْقَوْلُ (عَامًّا لَنَا، وَلَهُ) كَأَنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَيَّ، وَعَلَيْكُمْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (فَتَقَدُّمُ الْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ كَمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِأَنْ عُلِمَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْآخَرِ بِأَنْ يَنْسَخَهُ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا فِي حَقِّنَا إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَأَسِّينَا بِهِ فِي الْفِعْلِ، وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ فِي حَقِّنَا، وَإِنْ جُهِلَ الْمُتَأَخِّرُ فَالْأَقْوَالُ أَصَحُّهُمَا فِي حَقِّهِ الْوَقْفُ، وَفِي حَقِّنَا تَقَدُّمُ الْقَوْلِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْقَوْلُ (الْعَامُّ ظَاهِرًا فِيهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَصًّا كَأَنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمُ عَاشُورَاءَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (فَالْفِعْلُ تَخْصِيصٌ) لِلْقَوْلِ الْعَامِّ فِي حَقِّهِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، أَوْ تَأَخُّرٌ عَنْهُ أَوْ جُهِلَ ذَلِكَ وَلَا نَسْخَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَهْوَنُ مِنْهُ.

(الْكَلَامُ فِي الْأَخْبَارِ) أَيْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَافْتَتَحَهُ بِتَقْسِيمِ الْمُرَكَّبِ الصَّادِقِ بِالْخَبَرِ لِيَنْجَرَّ الْكَلَامُ إلَيْهِ زِيَادَةً لِلْفَائِدَةِ فَقَالَ (الْمُرَكَّبُ) أَيْ مِنْ اللَّفْظِ (إمَّا مُهْمَلٌ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا أُشْكِلَ مِنْ مَعَانِي الْأَقْوَالِ بِالْأَفْعَالِ وَذَلِكَ كَخُطُوطِ الْهَنْدَسَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْإِشَارَاتِ وَالْحَرَكَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُسْتَعَانُ بِهَا فِي التَّعْلِيمِ إذَا لَمْ يَفِ الْقَوْلُ بِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ دَلَّ دَلِيلٌ إلَخْ) خَرَجَ مَا إذَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَأَسِّينَا بِهِ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الْإِفْطَارُ فَلَا يُتَوَهَّمُ التَّعَارُضُ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَأَفْطَرَ فِيهِ فِي سَنَةٍ بَعْدَ الْقَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُمَّةِ) أَيْ وَفِي حَقِّ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ التَّارِيخَ إلَخْ) أَظْهَرَ هُنَا دُونَ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ جَهِلَ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ هُنَا إلَى التَّأَسِّي (قَوْلُهُ: لِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ لِمِثْلِ الْعِلَلِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ الْخَاصَّةِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَاصَّةِ بِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ) أَيْ مُكَلَّفُونَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا أَيْ فِي الْفِعْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِنَا وَقَوْلُهُ: بِالْعِلْمِ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَبِّدُونَ قَالَ سم إنَّ تَوْجِيهَ اخْتِلَافِ التَّصْحِيحِ بِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ إلَخْ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ بِدَلِيلٍ، وَمُجَرَّدًا احْتِيَاجًا لِلْعِلْمِ بِالْحُكْمِ لِنَعْمَلَ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا مُرَجِّحًا مَعَ التَّعَارُضِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ خُصُوصِ الْقَوْلِ بَلْ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقَوْلِ، وَمُقْتَضَى الْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْقَوْلُ أَحْوَطُ لَكِنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ هَذَا الْمِثَالِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ أَحْوَطَ اهـ. مَا كَتَبَهُ بِهَامِشِ حَاشِيَةِ الْكَمَالِ.

(قَوْلُهُ: إلَى التَّرْجِيحِ فِيهِ) أَيْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ رَجَّحَ فِيهِ الْوَقْفَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْفِعْلِ فِي حَقِّنَا) وقَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] الْمُرَادُ مَا أَمَرَكُمْ بِدَلِيلِ {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: يَجِبُ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَفْطَرَ فِيهِ فِي سَنَةٍ بَعْدَ الْقَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ إلَخْ مُتَقَدِّمٌ لِأَنَّ تَقَدُّمَهُ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ، وَتَأَخُّرَهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَهْوَنُ إلَخْ) لِأَنَّ النَّسْخَ رَفْعٌ لِلْجَمِيعِ وَالتَّخْصِيصُ رَفْعٌ لِلْبَعْضِ فَهُوَ دُونَهُ فِي مُخَالَفَةِ أَصْلِ اسْتِصْحَابِ حُكْمِ الْعَامِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015