مَا أَمْكَنَ (أَوْ) هُوَ (مُجْمَلٌ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَجَازِ الشَّرْعِيِّ وَالْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ (أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ) تَقْدِيمًا لِلْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ (أَقْوَالٌ) اخْتَارَ مِنْهَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ كَغَيْرِهِ الْأَوَّلَ، مِثَالُهُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ» تَعَذَّرَ فِيهِ مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا فَيُرَدُّ إلَيْهِ بِتَجَوُّزٍ بِأَنْ يُقَالَ: كَالصَّلَاةِ فِي اعْتِبَارِ الطَّهَارَةِ وَالنِّيَّةِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ لِاشْتِمَالِ الطَّوَافِ عَلَيْهِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِمَا ذِكْرًا، وَهُوَ مُجْمَلٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ لِمَعْنًى تَارَةً وَلِمَعْنَيَيْنِ لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَحَدَهُمَا) تَارَةً أُخْرَى عَلَى السَّوَاءِ، وَقَدْ أُطْلِقَ (مُجْمَلٌ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَعْنَى وَالْمَعْنَيَيْنِ، وَقِيلَ: يَتَرَجَّحُ الْمَعْنَيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً (فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ الْمَعْنَى (أَحَدَهُمَا فَيُعْمَلُ بِهِ) جَزْمًا لِوُجُودِهِ فِي الِاسْتِعْمَالَيْنِ (وَيُوقَفُ الْآخَرُ) لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ وَقَالَ يُعْمَلُ بِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً، وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ إلَخْ مِمَّا ظَهَرَ لَهُ كَمَا قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ أَيْضًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ الْإِمْكَانِ فَهُوَ مَعْمُولٌ مُحَافَظَةً أَوْ مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَيَكُونُ الْمَعْنَى مُحَافَظَتَهُ إمْكَانًا أَيْ وَقْتَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ) أَيْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: الطَّوَافُ دُعَاءٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ: الْحَجُّ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: مِثَالُهُ) أَيْ مِثَالُ مَا فِيهِ الْأَقْوَالُ، وَهُوَ الَّذِي تَعَذَّرَ فِيهِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ حَقِيقَةً، وَيُرَدُّ إلَيْهِ بِتَجَوُّزٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْكَلَامَ) هَذَا هُوَ الْقَرِينَةُ، وَفِي كَوْنِ الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَجَازِ هُنَا مُطْلَقُ التَّوَسُّعِ، أَوْ هُوَ مَجَازٌ عَلَى طَرِيقَةِ السَّعْدِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ: أُطْلِقَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَدِيثِ، وَأُرِيدَ بِهَا هَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ) لَيْسَ مُرَادُهُ التَّشْبِيهَ بَلْ بَيَانَ وَجْهِ الْعَلَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ) أَيْ الْخَاصَّةُ بِهِ إنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ طَوَافَ وَدَاعٍ، وَنِيَّةُ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ الشَّامِلَةُ إنْ كَانَ طَوَافَ رُكْنٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الدُّعَاءُ) وَمَعْنَى كَوْنِ الطَّوَافِ صَلَاةً بِمَعْنَى الدُّعَاءِ أَنَّهُ يُصَاحِبُهَا، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يُجْعَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذُو صَلَاةٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُصَاحِبٌ لَهَا فَلَمْ تَخْرُجْ الصَّلَاةُ عَنْ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي حَمْلِهَا عَلَى الطَّوَافِ مُسَامَحَةٌ، وَقَدْ يَبْعُدُ هَذَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ، وَأَيْضًا احْتَاجَهُ لِلْقَرِينَةِ، وَلَوْ سُلِّمَ وُجُودُهَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي فُسِّرَتْ بِهِ الصَّلَاةُ لَا يَمْتَنِعُ فِيهِ الْكَلَامُ حَتَّى يُسْتَثْنَى مِنْهُ حَمْلُ الْكَلَامِ، وَاقْتِضَاءُ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ وَاجِبٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ

(قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ فَشَبَّهْنَا الْمُشْتَمِلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ بِاسْمِ الْمُشْتَمَلِ بِفَتْحِهَا، وَعَلَى هَذَا لَا يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَلَا طَهُرَ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وَرَدَ لَفْظٌ عَنْ الشَّارِعِ لَهُ مَعْنًى مُفْرَدٌ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُجْمَلٌ قَالَ النَّاصِرُ إذَا تَأَمَّلْت تَقْرِيرَ الشَّارِحِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ ظَهَرَ لَك أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمُتَرَدِّدَ بَيْنَ مَعْنًى تَارَةً وَمَعْنَيَيْنِ إلَخْ إذْ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَهُ سَبْقُ اسْتِعْمَالٍ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ اهـ.

قَالَ سم: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ لِمَعْنًى إلَخْ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الِاسْتِعْمَالِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرِهِ قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ الْآخَرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015