لِلْأَحْكَامِ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَحْكَامِ الْعِلْمُ بِغَيْرِهَا مِنْ الذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ وَالْبَيَاضِ وَبِقَيْدِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ النَّارَ مُحْرِقَةٌ وَبِقَيْدِ الْعِلْمِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ أَيْ الِاعْتِقَادِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكْتَسَبَ صِفَةٌ لِلْعِلْمِ وَلَيْسَ تَقْدِيرَ النَّائِبِ لِلْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ أَيْ.
(قَوْلُهُ: لِلْأَحْكَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَدِلَّةِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لَامِيَّةٌ (قَوْلُهُ: بِقَيْدِ الْأَحْكَامِ إلَخْ) أُخْرِجَ بِهِ لَا بِالْعِلْمِ لِشُمُولِهِ فِي نَفْسِهِ لِلتَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ وَالْبَيَاضِ وَإِنْ كَانَ هُنَا يَنْصَرِفُ لِلتَّصْدِيقِ بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْأَحْكَامِ وَبِالنَّظَرِ إلَى هَذَا قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي وَعَبَّرُوا عَنْ الْفِقْهِ هُنَا بِالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ لِظَنِّيَّةِ أَدِلَّتِهِ ظَنًّا إلَخْ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا التَّصْدِيقُ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ تَصْدِيقٌ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، ثُمَّ بِانْصِرَافِهِ إلَى التَّصْدِيقِ يَخْرُجُ تَصَوُّرُ الْأَحْكَامِ فَلَا يُقَالُ جَعْلُ الْعِلْمِ شَامِلًا لِلتَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ يُؤَدِّي إلَى خُلُوِّ التَّعْرِيفِ عَنْ قَيْدٍ مُخْرِجٍ لِتَصَوُّرِ الْأَحْكَامِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ) الْمُرَادُ بِالذَّوَاتِ مَا لَوْ وُجِدَ فِي الْخَارِجِ كَانَ قَائِمًا بِنَفْسِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَاهِيَّاتُ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِالْعَقْلِ لَا بِنَفْسِهَا فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ وُجُودُهَا فِي الْخَارِجِ كَانَتْ قَائِمَةً بِنَفْسِهَا فَيَصِحُّ قَوْلُهُ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُودِ الْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيِّ فِي الْخَارِجِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَلَا وَقَدْ حَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي حَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى أَتَمَّ تَحْرِيرٍ وَالْمُرَادُ بِالصِّفَاتِ الْمَعَانِي الَّتِي إنْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ لَمْ تَقُمْ بِنَفْسِهَا فَتَدْخُلُ فِيهِ صِفَاتُ الْبَارِي وَالْأَفْعَالُ وَالْأُمُورُ الِاعْتِيَادِيَّةُ وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِدُخُولِ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ فِي الصِّفَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ جَعْلَ جِنْسِ التَّعْرِيفِ هُوَ الْعِلْمُ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ خُرُوجُ الْعِلْمِ بِمَا عَدَاهُ مِنْ الصِّفَاتِ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِالْحُكْمِ قَدْ يَكُونُ تَصَوُّرًا وَهُوَ أَيْضًا خَارِجٌ.
(قَوْلُهُ: الْعَقْلِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ) الْمُرَادُ بِالْعَقْلِيَّةِ مَا حَكَمَ بِهَا الْعَقْلُ بِدُونِ الِاسْتِنَادِ لِلْحِسِّ وَبِالْحِسِّيَّةِ خِلَافُهَا فَالْأَحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ كَثُبُوتِ الرَّفْعِ لِلْفَاعِلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاضِعِ عَقْلِيَّةٌ وَإِلَى غَيْرِهِ حِسِّيَّةٌ لِاسْتِنَادِهَا لِلْحِسِّ وَهُوَ السَّمَاعُ وَثُبُوتُ الْإِحْرَاقِ لِلنَّارِ حِسِّيٌّ لِاسْتِنَادِ الْعَقْلِ فِيهِ إلَى الْإِحْسَاسِ بِإِحْرَاقِ أَفْرَادِهَا فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ إنَّهُ أَغْفَلَ التَّنْبِيهَ عَلَى خُرُوجِ الْوَضْعِيَّةِ كَثُبُوتِ الرَّفْعِ لِلْفَاعِلِ وَاعْتِرَاضُ النَّاصِرِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ بِأَنَّ النَّارَ الْكُلِّيَّةَ مُحْرِقَةٌ هُوَ الْعَقْلُ لَا الْحِسُّ وَإِنْ كَانَ الْحِسُّ يَحْكُمُ بِالْجُزْئِيِّ فَلَوْ قَالَ وَإِنَّ هَذِهِ نَارٌ مُحْرِقَةٌ لَأَجَادَ اهـ.
عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ أَلْ فِي النَّارِ لِلْحُضُورِ فَيَكُونُ إشَارَةً إلَى نَارٍ حَاضِرَةٍ جُزْئِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ: الْعِلْمِيَّةِ أَيْ الِاعْتِقَادِيَّةِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاعْتِقَادَ وَإِنْ كَانَ عِلْمًا بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ ثُبُوتُ الْوَحْدَانِيَّةِ لَهُ تَعَالَى لَكِنَّهُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْعِلْمُ وَالِاعْتِقَادُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عِلْمِيَّةً وَاعْتِقَادِيَّةً وَلِلْمُحَشِّي هَاهُنَا كَلَامٌ فِي أَنَّ اعْتِقَادَنَا أَنَّ الْجَنَّةَ مَوْجُودَةٌ الْآنَ وَأَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِنْ الْفِقْهِ أَوْ الْكَلَامِ وَأَطَالَ ذَيْلَ الْكَلَامِ وَتَرَدَّدَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ تَفْصِيلًا طَوِيلًا انْحَطَّ آخِرَ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَسَائِلَ الِاعْتِقَادِيَّةَ الَّتِي طَرِيقُهَا السَّمْعُ فَقَطْ فِقْهٌ عِنْدَهُ قَالَ.
وَفِي شَرْحِ الْوَالِدِ عَلَى الْمِنْهَاجِ اسْتِظْهَارُ أَنَّ وُجُوبَ اعْتِقَادِ أَنَّ مَا ثَبَتَ مِنْ الدِّيَانَاتِ بِالسَّمْعِ لَا يُسَمَّى فِقْهًا قَالَ وَلَكِنِّي لَسْت أُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَقُولُ مَا نَقَلْته لَك سَابِقًا هُوَ التَّحْقِيقُ فَلَا يُوقِعَنَّكَ هَذَا التَّطْوِيلُ فِي تَشْكِيكٍ وَالشَّيْخُ النَّجَّارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ