(وَمِعْيَارُ الْعُمُومِ الِاسْتِثْنَاءُ) فَكُلُّ مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ مِمَّا لَا حَصْرَ فِيهِ فَهُوَ عَامٌّ لِلُزُومِ تَنَاوُلِهِ لِلْمُسْتَثْنَى وَقَدْ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ نَحْوُ جَاءَ الرِّجَالُ إلَّا زَيْدًا وَمَنْ نَفَى الْعُمُومَ فِيهَا يَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهَا قَرِينَةً عَلَى الْعُمُومِ وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرَّتَيْنِ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَكَانَ فِيهِ طُولٌ (قَوْلُهُ: وَمِعْيَارُ الْعُمُومِ الِاسْتِثْنَاءُ) الْمِعْيَارُ كَالْمِفْتَاحِ آلَةُ الِاخْتِيَارِ اُسْتُعِيرَ هُنَا لِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ عُمُومُ اللَّفْظِ أَيْ دَلِيلُ تَحَقُّقِهِ فَيَكُونُ خَاصَّةً مِنْ خَوَاصِّهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ شَرْطَ الْخَاصَّةِ الْإِطْرَادُ وَقَدْ يُوجَدُ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا عُمُومَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي أَسْمَاءِ الْعَدَدِ.

وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّا لَمْ نَقُلْ كُلُّ مُسْتَثْنًى مِنْهُ عَامٌّ بَلْ قُلْنَا كُلُّ عَامٍّ يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ فَمِنْ أَيْنَ الْعَكْسُ وَرَدَّهُ الْكَمَالُ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مِعْيَارَ الْعُمُومِ أَنَّ قَبُولَ اللَّفْظِ لِلِاسْتِثْنَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ وَيَنْحَلُّ إلَى أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ قَبِلَ الِاسْتِثْنَاءَ عَامٌّ وَهُوَ الْعَكْسُ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرَ مَرْضِيٍّ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى جَوَابٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَا لَا حَصْرَ فِيهِ وَالْعَدَدُ لَا يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَفِي الْعِبَارَةِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَكُلُّ مَا صَحَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ فِي الْكَلَامِ دَوْرًا لِاقْتِضَائِهِ تَوَقُّفَ مَعْرِفَةِ الْعُمُومِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَمَعْرِفَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِالْفِعْلِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ ظَاهِرٌ فِي جَمِيعِ أَدَوَاتِهِ حَتَّى الْأَفْعَالِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُتَّصِلُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ حَقِيقَةٌ فِيهِ فَلَا يَدْخُلُ الْمُنْقَطِعُ فِي الْمِعْيَارِيَّةِ

(قَوْلُهُ: مِمَّا لَا حَصْرَ فِيهِ) خَرَجَ أَسْمَاءُ الْعَدَدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا لِاسْتِغْرَاقِهَا لِلْأَفْرَادِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ مَحْصُورَةً لَمْ تَكُنْ عَامَّةً عُمُومًا اصْطِلَاحِيًّا وَفِي التَّلْوِيحِ فَإِنْ قِيلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا اسْمَ عَدَدٍ نَحْو عِنْدِي عَشْرَةٌ إلَّا وَاحِدًا، أَوْ اسْمًا عَلَمًا نَحْوَ كَسَرْت زَيْدًا إلَّا رَأْسَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ نَحْوَ صُمْت هَذَا الشَّهْرَ إلَّا يَوْمَ كَذَا وَأَكْرَمْت هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ إلَّا زَيْدًا فَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ دَلِيلَ الْعُمُومِ أُجِيبَ بِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّوَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صِيغَةَ عُمُومٍ بِاعْتِبَارِ مَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ جَمِيعٌ مُضَافٌ إلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ وَأَعْضَاءِ زَيْدٍ وَأَيَّامِ هَذَا الشَّهْرِ وَآحَادِ هَذَا الْجَمْعِ الثَّانِي ذَكَرَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ مَا لَا حَصْرَ فِيهِ إلَخْ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِثْنَاءُ مَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ لَا مَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهِ كَمَا هُوَ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لِلُزُومِ تَنَاوُلِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ وُجُوبِ دُخُولِهِ قَطْعًا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّضِيُّ أَيْ لِلْقَطْعِ بِلُزُومِ تَنَاوُلِهِ لِلْمُسْتَثْنَى فَلَا يُكْتَفَى بِجَوَازِ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: جَاءَ الرِّجَالُ إلَّا زَيْدًا) أَتَى بِهِ مَعْرِفَةً لِيَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ نَكِرَةً غَيْرَ مُخَصَّصَةٍ نَحْوُ إلَّا رَجُلًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَى الْعُمُومَ فِيهَا) أَيْ مِنْ نَفَى كَوْنَهَا لِلْعُمُومِ حَقِيقَةً وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا لِلْخُصُوصِ حَقِيقَةً وَإِنَّ اسْتِعْمَالَهَا لِلْعُمُومِ مَجَازِيٌّ وَالْقَائِلَ بِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ وَالْقَائِلَ بِالْوَقْفِ قَالَهُ الْكَمَالُ وَنَظَرَ فِيهِ سم بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لَا نَفْيَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ فَمَنْ قَالَ الِاشْتِرَاكُ يَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ قَرِينَةَ إرَادَةِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الْعُمُومُ وَمَنْ قَالَ بِالْوَقْفِ يَقُولُ الِاسْتِثْنَاءُ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْعُمُومِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّهُ مَجَازٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْهَمْعِ: إنَّ النَّكِرَةَ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهَا فِي الْمُوجِبِ مَا لَمْ تُفِدْ فَلَا يُقَالُ جَاءَ قَوْمٌ إلَّا رَجُلًا وَلَا قَامَ رِجَالٌ إلَّا زَيْدًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَإِنْ أَفَادَ جَازَ نَحْوَ {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ} [العنكبوت: 14] الْآيَةُ وَقَامَ رِجَالٌ كَانُوا فِي دَارِك إلَّا رَجُلًا وَالْفَائِدَةُ حَاصِلَةٌ فِي نَفْيِ الْعُمُومِ نَحْوُ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ إلَّا رَجُلًا، أَوْ إلَّا زَيْدًا وَكَذَا لَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَعْرِفَةِ النَّكِرَةُ الَّتِي لَمْ تُخَصَّصْ نَحْوُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا رَجُلًا فَإِنْ تَخَصَّصَتْ جَازَ نَحْوُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ اهـ.

(قَوْله مِنْ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى كَذَلِكَ فَيُقَالُ جَاءَنِي رَجُلَانِ كَانَا فِي دَارِك إلَّا زَيْدًا مِنْهُمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015