الْمُعَبَّرِ عَنْهُ هُنَا بِالْعَقْلِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفِ الْمَذْكُورُ الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» أَيْ بِخِلَافِ مَطْلِ غَيْرِهِ (وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ) أَيْ الْمَفْهُومَ مُطْلَقًا (لَا عُمُومَ لَهُ لَفْظِيٌّ) أَيْ عَائِدٌ إلَى اللَّفْظِ أَوْ التَّسْمِيَةِ أَيْ هَلْ يُسَمَّى عَامًّا أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي أَوْ الْأَلْفَاظِ فَقَطْ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عُرْفٍ وَإِنْ صَارَ بِهِ مَنْطُوقًا أَوْ عَقْلٍ (وَ) الْخِلَافُ (فِي أَنَّ الْفَحْوَى بِالْعُرْفِ وَالْمُخَالَفَةَ بِالْعَقْلِ تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْمَفْهُومِ) نَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْمِثَالَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ هَذَا فِيهِمَا عَلَى قَوْلٍ كَمَا قُلْتُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: الْمُعَبَّرِ عَنْهُ هُنَا بِالْعَقْلِ) يَعْنِي أَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ عُبِّرَ عَنْهَا تَارَةً بِالْمَعْنَى وَتَارَةً أُخْرَى بِالْعَقْلِ كَمَا هُنَا وَغَرَضُ الشَّارِحِ الرَّدُّ عَلَى الْعِرَاقِيِّ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ فَالْمَذْكُورُ هُنَاكَ أَنَّهُ هَلْ يَدُلُّ بِاللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ الْمَعْنَى وَهُوَ الْعُرْفُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَقْلَ اهـ. فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ) أَيْ الْحَالَ وَالشَّأْنَ.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ " يَنْفِ " وَ " الْحُكْمَ " مَفْعُولُهُ وَقَوْلُهُ عَمَّا عَدَاهُ أَيْ مَا عَدَا مَعْنَاهُ أَيْ مَعْنَى الْمَنْطُوقِ «فَفِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» الْمَذْكُورُ الَّذِي هُوَ السَّائِمَةُ وَهُوَ الْمَنْطُوقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ السَّائِمَةِ الَّذِي هُوَ الْمَفْهُومُ حُكْمُهُ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّائِمَةِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ) فِيهِ أَنَّ الْفَائِدَةَ تَحْصُلُ وَلَوْ بِالنَّفْيِ عَنْ الْبَعْضِ فَأَيْنَ الْعُمُومُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّفْيَ عَنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ تَحَكُّمٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَفْهُومِ اللَّفْظِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَرَائِنِ فَوَجَبَ النَّفْيُ عَنْ الْجَمِيعِ وَهُوَ الْعُمُومُ الْمُدَّعَى.
(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْعَامِّ أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ قِيلَ وَالْمَعَانِي إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَمَنْ يَرَى أَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي يُسَمِّي الْمَفْهُومَ عَامًّا؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَمَنْ يَرَى أَنَّهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ فَلَا يُسَمِّي.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى) بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَوْنِهِ لَفْظِيًّا الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مُنَافَاةُ هَذَا الِاتِّفَاقِ فِي الْمَعْنَى لِمَا سَبَقَ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ الْعُمُومَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ عُرُوضِهِ لِلْمَعَانِي وَهُوَ تَوَهُّمٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي سَبَقَ تَصْحِيحُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا يُوصَفُ بِالْعُمُومِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْعُمُومِ حَقِيقَةً وَالْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ أَنَّ الْمَفْهُومَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَفْهُومَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مَنْ أَجْمَلَ مَا تَقَدَّمَ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِشَامِلٍ. وَقَوْلُهُ مِنْ عُرْفٍ بَيَانٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ صَارَ بِهِ أَيْ صَارَ الْمَفْهُومُ بِسَبَبِ الْعُرْفِ مَنْطُوقًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَدْ نَقَلَهُ لِلْجَمِيعِ يَعْنِي أَنَّ تِلْكَ الصَّيْرُورَةَ لَا تَمْنَعُ كَوْنَ الْكَلَامِ فِي الْمَفْهُومِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ ثُمَّ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَقْلِ كَأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِمَا وَإِلَّا فَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْمَفْهُومَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْفَحْوَى) أَيْ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ الْمُسَمَّى بِالْفَحْوَى أَيْ الدَّلَالَةَ عَلَيْهَا بِالْعُرْفِ لَا عُمُومِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَقَوْلُهُ بِالْعُرْفِ أَيْ بِسَبَبِهِ لَا بِالْقِيَاسِ وَلَا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُخَالَفَةَ) أَيْ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ أَيْ الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْعَقْلِ لَا بِسَبَبِ الشَّرْعِ وَلَا بِسَبَبِ اللُّغَةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمِثَالَيْنِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ كَالْفَحْوَى الثَّانِي قَوْلُهُ كَمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَالْأَوَّلُ الْعُمُومُ فِيهِ بِسَبَبِ الْعُرْفِ وَالثَّانِي بِسَبَبِ الْعَقْلِ. (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ الْمَفْهُومِ) فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ دَلَالَتُهُ قِيَاسِيَّةٌ وَقِيلَ لَفْظِيَّةٌ وَقِيلَ نُقِلَ اللَّفْظُ عُرْفًا وَفِي الثَّانِي الْمَفَاهِيمُ إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةٌ لُغَةً وَقِيلَ شَرْعًا وَقِيلَ مَعْنًى.
(قَوْلُهُ: بَدَلَ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ هُنَا وَفِي أَنَّ الْفَحْوَى بِالْعُرْفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَوْضَحَ) لِدَلَالَتِهَا عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ لَكِنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ عَلَى قَوْلٍ عَنْهُمَا لَتُوُهِّمَ رُجُوعُهُ لِلثَّانِي وَلَوْ ذَكَرَهُ