(يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ) أَيْ يَتَنَاوَلُهُ دُفْعَةً خَرَجَ بِهِ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ مُفْرَدَةً أَوْ مُثَنَّاةً أَوْ مَجْمُوعَةً أَوْ اسْمُ عَدَدٍ لَا مِنْ حَيْثُ الْآحَادُ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ مَا تَصْلُحُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لَا الِاسْتِغْرَاقِ نَحْوُ أَكْرِمْ رَجُلًا وَتَصَدَّقْ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ (مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ) خَرَجَ بِهِ اسْمُ الْعَدَدِ مِنْ حَيْثُ الْآحَادُ فَإِنَّهُ يَسْتَغْرِقُهَا بِحَصْرٍ كَعَشْرَةٍ وَمِثْلُهُ النَّكِرَةُ الْمُثَنَّاةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَصْنَعُ وَشَمِلَ الْفِعْلُ وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: يَسْتَغْرِقُ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ انْحَصَرَ فِي فَرْدٍ فِي الْخَارِجِ.

(قَوْلُهُ: الصَّالِحُ لَهُ) قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَسْتَغْرِقُ إلَّا مَا يَصْلُحُ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ شُمُولُ اللَّفْظِ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَانِي كَالْعُقَلَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ شَيْءٍ وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ أَخْذًا مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنْ تَنَاوُلِ كُلِّ شَيْءٍ لَا عَنْ تَنَاوُلِ غَيْرِ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ فَأَلْ فِي الصَّالِحِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ الْمَعْنَى الصَّالِحُ وَفِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ فَالصِّلَةُ جَرَتْ عَلَى مَنْ هِيَ لَهُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ صَالِحًا لِلَّفْظِ كَوْنِهِ مَقْصُودًا مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ أَوْ الْقَرِينَةِ فَيَشْمَلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ وَفِي عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى اللَّفْظِ لُزُومُ جَرَيَانِ الصِّلَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ لَا يُقَالُ كَمَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ لِلَّفْظِ يَجُوزُ رُجُوعُهُ لِلْمَعْنَى فَاللَّبْسُ مَوْجُودٌ لِأَنَّا نَقُولُ احْتِمَالُ رُجُوعِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ لَبْسًا لِجَوَازِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا اللَّبْسُ رُجُوعُهُ إلَى مَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الصَّلَاحِيَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ صَلَاحِيَةَ الْكُلِّ لِلْأَجْزَاءِ أَوْ الْكُلِّيِّ لِلْجُزْئِيَّاتِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ تَنَاوُلِهِ لِأَفْرَادِهِ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَدْلُولَهُ كُلِّيَّةٌ فَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: دُفْعَةً) مِنْ تَمَامِ تَفْسِيرِ الِاسْتِغْرَاقِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِغْرَاقُ اللُّغَوِيُّ فَلَا يُقَالُ الِاسْتِغْرَاقُ يُرَادِفُهُ الْعُمُومُ فَلَا يُعْرَفُ بِهِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ) أَيْ غَيْرُ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُفِيدُ عُمُومًا كَالشَّرْطِ وَخَرَجَ أَيْضًا الْمُطْلَقُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَفْرَادِ فَضْلًا عَنْ اسْتِغْرَاقِهَا (قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَيْثُ الْآحَادُ) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْجُزْئِيَّاتُ وَهُوَ قَيْدٌ فِي اسْمِ الْعَدَدِ وَالنَّكِرَةِ الْمُثَنَّاةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَعَشْرَةٍ وَمِثْلِهِ إلَخْ ثُمَّ إنَّ دُخُولَ اسْمِ الْعَدَدِ تَحْتَ النَّكِرَةِ نَظَرٌ لِلْمَعْنَى وَإِلَّا فَاسْمُ الْعَدَدِ مِنْ قَبِيلِ الْعَلَمِ.

(قَوْلُهُ: تَتَنَاوَلُ إلَخْ) فَالْمُفْرَدَةُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ وَالْمُثَنَّاةُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَالْمَجْمُوعَةُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ جَمْعٍ جَمْعٍ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ الْخَمْسَةُ.

(قَوْلُهُ: لَا الِاسْتِغْرَاقُ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّنَاوُلُ دُفْعَةً.

(قَوْلُهُ: أَكْرِمْ) رَجُلًا فِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا كَانَتْ أَمْرًا نَحْوَ اضْرِبْ رَجُلًا نَعَمْ عُمُومُ بَدَلٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَإِنْ كَانَتْ خَبَرًا بِنَحْوِ جَاءَنِي رَجُلٌ فَلَا تَعُمُّ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ سِرَّ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَكَانَتْ لِلِامْتِنَانِ عَمَّتْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الطَّيِّبِ فِي أَوَائِلِ تَعْلِيقِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] وَوَجْهُهُ أَنَّ الِامْتِنَانَ مَعَ الْعُمُومِ أَكْثَرُ إذْ لَوْ صَدَقَ بِالنَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْ الْفَاكِهَةِ لَمْ يَكُنْ فِي الِامْتِنَانِ بِالْحَقِيرِ كَثِيرُ مَعْنًى وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَال عَلَى طَهُورِيَّةِ كُلِّ مَاءٍ سَوَاءٌ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ بِقَوْلِهِ {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] .

(قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقْ بِخَمْسَةٍ) فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِأَنْ يَكُونَ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً بَدَلَ الصِّحَاحِ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِخَمْسَةٍ بِدُونِ تَمْيِيزٍ كَانَ أَوْضَحَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِخَمْسَةٍ بَدَلَ خَمْسَةٍ مِنْ أَفْرَادِ الْخَمْسَاتِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ) أَيْ فِي اللَّفْظِ وَدَلَالَةُ الْعِبَارَةِ لَا فِي الْوَاقِعِ فَإِنَّ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كُلُّ رَجُلٍ فِي الْبَلَدِ مَعَ أَنَّهُمْ مَحْصُورُونَ وَنَحْوُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ فَإِنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ مَعَ أَنَّ السَّمَوَاتِ مَحْصُورَةٌ فِي الْوَاقِعِ وَلِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ أَفْرَادُ الْخَاصِّ فِي الْوَاقِعِ أَكْثَرَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَغْرِقُهَا) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِكَوْنِهَا عَشْرَةً مَعْنًى وَاسْتِغْرَاقُهُ عَلَى سَبِيلِ الْكُلِّ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ اسْمٌ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَإِخْرَاجُ اسْمِ الْعَدَدِ مِنْ حَيْثُ الْآحَادُ بِمَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِغْرَاقِ مَا يَعُمُّ اسْتِغْرَاقَ الْكُلِّ لِأَجْزَائِهِ وَالْكُلِّيِّ لِجُزْئِيَّاتِهِ كَمَا سَمِعْت مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي مَعْنَاهُ هُوَ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الصَّلَاحِيَّةَ فِيهِ مُنْتَفِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: الْمُثَنَّاةُ) سَكَتَ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015