لِاقْتِضَائِهِ الذَّمَّ عَلَى التَّرْكِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّضَمُّنِ كَالْآمِدِيِّ وَإِنْ شَمِلَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْوُجُوبَ دُونَ النَّدْبِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا أَخْذًا بِالْمُحَقَّقِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنٍ عَنْ الْمُبْهَمِ مِنْ أَشْيَاءَ فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَاصَدَقَهُ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ مِنْهَا وَلَا مُتَضَمِّنًا لَهُ قَطْعًا وَبِالْوُجُودِيِّ عَنْ الْعَدَمِيِّ أَيْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَالْأَمْرُ نَهْيٌ عَنْهُ أَوْ يَتَضَمَّنُهُ قَطْعًا وَالتَّضَمُّنُ هُنَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِلْزَامِ لِاسْتِلْزَامِ الْكُلِّ لِلْجُزْءِ.
(أَمَّا) الْأَمْرُ (اللَّفْظِيُّ فَلَيْسَ عَيْنَ النَّهْيِ) اللَّفْظِيِّ قَطْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَخْرُجُ إلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنْ أَرَادَ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ إلَى الْحُرْمَةِ فَهَذَا لَا يُخَلِّصُهُ فَإِنَّ النَّدْبَ اقْتَضَى مَرْجُوحِيَّةَ الضِّدِّ.
(قَوْلُهُ: الْعَيْنَ) مَفْعُولُ شَمِلَ أَيْ عَيْنَ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّ مُتَعَلِّقِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا بِالْمُحَقَّقِ) لِاحْتِمَالِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالتَّضَمُّنِ مَنْ خَصَّ فَيُسَاوِي مَا هُنَا وَأَنَّ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ مَنْ يَخُصُّ أَمْرَ الْوُجُوبِ بِهَذَا الْخِلَافِ فَيَشْمَلُ الْعَيْنَ وَالتَّضَمُّنَ فَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُحَقَّقِ قَالَهُ النَّاصِرُ قَالَ سم وَبَقِيَ احْتِمَالُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْعَيْنِ مَنْ يَخُصُّ الْوُجُوبَ وَلَا يُمْكِنُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُطْلَقًا وَغَايَةُ مَا يَدَّعِي بَعْدَهُ لَكِنَّهُ يَمْنَعُ التَّحَقُّقَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّحَقُّقِ الظُّهُورُ ظُهُورًا قَوِيًّا أَوْ يَكُونُ قَدْ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ مَا يَمْنَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ كَثُبُوتِ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ وَبَقِيَ بَحْثٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ تَحَقُّقُ قَوْلِ التَّضَمُّنِ دُونَ الْعَيْنِ لَا يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّضَمُّنِ فَهَلَّا عَبَّرَ بِعِبَارَةٍ تَشْمَلُ الْعَيْنَ أَيْضًا كَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّضَمُّنِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ يَقِينًا عَنْ هَذِهِ الْعُهْدَةِ بَلْ يُوهِمُ تَحَقُّقَ انْتِفَاءِ قَوْلِ الْعَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَخْذًا بِالْمُحَقَّقِ عِنْدَ إيثَارِ طَرِيقِ التَّعْيِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْمُبْهَمِ إلَخْ) أَيْ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فَإِنَّ الْأَمْرَ عَلَى التَّخْيِيرِ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالشَّيْءِ وَضِدِّهِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ الْمُبْهَمِ مِنْ أَشْيَاءَ مِنْهَا ضِدَّانِ فَأَكْثَرُ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَا مُتَضَمِّنًا لَهُ.
(قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ إلَى مَاصَدَقَهُ) أَيْ فَرْدِهِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ النَّظَرِ إلَى مَفْهُومِهِ وَهُوَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ بَيْنَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ حِينَئِذٍ نَهْيٌ عَنْ الضِّدِّ الَّذِي هُوَ مَا عَدَا تِلْكَ الْأَشْيَاءَ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَبِالْوُجُودِيِّ عَنْ الْعَدَمِيِّ) أَيْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ تَرْكُ ذَلِكَ الشَّيْءِ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ مُسْتَدِلًّا عَلَيْهِ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّرْكِ جُزْءُ مَفْهُومِ الْإِيجَابِ فَالدَّالُّ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّضَمُّنِ وَأَوْرَدَهُ النَّاصِرُ أَنَّ النَّهْيَ لِكَوْنِهِ تَكْلِيفًا لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلٍ اهـ.
أَيْ فَلَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَالْأَمْرُ نَهْيٌ عَنْهُ أَيْ عَنْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَدَمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّارِحَ جَرَى عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى بَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِيمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ النَّهْيَ مُقْتَضَاهُ فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّرْكِ لِوُقُوعِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَالْمُصَنِّفِ وَالْإِسْنَوِيِّ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِلْزَامِ) أَيْ فَيُقَالُ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ بَدَلَ قَوْلِهِمْ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ وَتَعْلِيلُ الشَّارِحِ لَهُ بِأَنَّ الْكُلَّ يَسْتَلْزِمُ الْجُزْءَ يُوهِمُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الضِّدِّ جُزْءُ مَعْنَى الْأَمْرِ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِلْزَامِ مَجَازٌ وَبِالتَّضَمُّنِ حَقِيقَةً مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَأَنَّ النَّهْيَ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الْقَائِلِ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّضَمُّنِ تَنْزِيلًا لِمَا لَزِمَ الشَّيْءَ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فِي ضِمْنِهِ تَوَسُّعًا هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْحَوَاشِيُّ وَأَمَّا الْعَلَّامَةُ سم فَحَاوَلَ رَدَّ هَذَا الْكَلَامِ وَتَصْحِيحَ الْجُزْئِيَّةِ بِمَا أَثَرُ التَّكَلُّفِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ وَالْمُنَاقَشَةُ