مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخَرِ سُورَةِ النَّاسِ الْمُحْتَجُّ بِإِبْعَاضِهِ خِلَافَ الْمَعْنَى بِالْقُرْآنِ فِي أُصُولِ الدِّينِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمُنْحَصِرٌ فِي شَخْصٍ كَالشَّمْسِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنْ يُبَيِّنَ لِمَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ مُسَمَّى الْقُرْآنِ وَجَهِلَ أَنَّهُ مُسَمَّاهُ أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ الْمَعْرُوفَ بِصِفَةِ كَذَا هُوَ مَفْهُومُ الْقُرْآنِ اهـ.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ لَفْظِيًّا وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِاللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ وُقُوعَهُ بِالْمُفْرَدِ كَالْغَضَنْفَرِ الْأَسَدِ.

وَفِي سم كَلَامٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مِثْلِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ تَفْسِيرَ الْكِتَابِ بِالْقُرْآنِ وَتَفْسِيرَ الْقُرْآنِ بِمَا بَعْدَهُ يُسَمَّى حَدًّا اسْمِيًّا وَحْدًا لَفْظِيًّا.

وَقَالَ فِي قَوْلِ النَّاصِرِ الْمَعْنِيُّ بِالْقُرْآنِ الْمَعْنَى الْخَارِجِيُّ الشَّخْصِيُّ الْمُرَادُ بِالْخَارِجِ نَفْسُ الْأَمْرِ لَا مَا يُرَادِفُ الْأَعْيَانَ وَإِلَّا نَافَى كَوْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الشَّخْصِيِّ اعْتِبَارِيًّا؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْمَاهِيَّةِ وَالشَّخْصُ الَّذِي هُوَ اعْتِبَارِيٌّ وَالْمُرَكَّبُ مِنْ الِاعْتِبَارِيِّ لَا يَكُونُ إلَّا اعْتِبَارِيًّا وَقَالَ هُنَا: إنَّ التَّعْرِيفَ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَعْنَى الِاعْتِبَارِيِّ لَا يَكُونُ إلَّا لَفْظِيًّا أَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْمَعْنَى الشَّخْصِيَّ إلَخْ فَمُكَابَرَةٌ فِي الْمَحْسُوسِ كَيْفَ وَاللَّفْظُ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ فَهُوَ مَوْجُودٌ مَحْسُوسٌ وَمَا اسْتَنَدَ مِنْ تَرَكُّبِهِ مِنْ الْمَاهِيَّةِ وَالشَّخْصُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَشْخَاصَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْخَارِجِ كُلَّهَا أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ لَهَا مَاهِيَّاتٍ كُلِّيَّةً هِيَ عِبَارَةٌ عَنْهَا وَعَنْ التَّشَخُّصِ عَلَى أَنَّ فِي كَوْنِ التَّشَخُّصِ اعْتِبَارِيًّا كَلَامٌ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ: إنَّ التَّعْرِيفَ هُنَا لَفْظِيٌّ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ تَعْرِيفَ الْمَعْنَى الِاعْتِبَارِيِّ لَا يَكُونُ إلَّا لَفْظِيًّا مُنَاقِضٌ لِمَا أَسْلَفَهُ قَبْلَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْكِتَابُ الْقُرْآنُ أَنَّ تَعْرِيفَهُ لَفْظِيٌّ اسْمِيٌّ مَعَ أَنَّ جَمْعَهُ بَيْنَهُمَا مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ النُّظَّارِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

قَالُوا: التَّعْرِيفُ إمَّا لَفْظِيُّ يُقْصَدُ بِهِ تَعْيِينُ مَعْنَى اللَّفْظِ لِسَامِعِهِ مِنْ بَيْنِ الْمَعَانِي الْمَعْلُومَةِ لَهُ فَمَآلُهُ إلَى التَّصْدِيقِ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِكَذَا لُغَةً أَوْ اصْطِلَاحًا وَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظٍ مُفْرَدٍ مُرَادِفٍ أَوْ أَعَمَّ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُفْرَدَةُ ذَكَرَ الْمُرَكَّبَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ تَعْيِينُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ تَفْصِيلُهُ، وَإِمَّا حَقِيقِيٌّ يُقْصَدُ بِهِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ مِنْ التَّصَوُّرَاتِ وَيَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ مَا يُقْصَدُ بِهِ تَفْصِيلُ مَفْهُومِ اللَّفْظِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَدْلُولُهُ.

وَقَدْ تَصَوَّرَهُ بِوَجْهِ مَا أَوْرَدَ تَصَوُّرَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ تَفْصِيلًا فَيُسَمَّى تَعْرِيفًا اسْمِيًّا وَتَعْرِيفًا بِحَسَبِ الِاسْمِ وَيَنْقَسِمُ إلَى الْحُدُودِ وَالرُّسُومِ وَقَالُوا: إنَّ تَعَارِيفَ الْأُمُورِ الْمَعْدُومَةِ وَالِاعْتِبَارِيَّة تَارَةً تَكُونُ لَفْظِيَّةً وَتَارَةً تَكُونُ اسْمِيَّةً وَلَيْسَ لَهَا تَعْرِيفَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ إذْ لَا حَقَائِقَ لَهَا بَلْ مَفْهُومَاتٌ.

وَأَمَّا الْمَوْجُودَاتُ، فَإِنَّ لَهَا مَفْهُومَاتٍ وَحَقَائِقَ فَيَجُوزُ. أَنْ يَكُونَ لَهَا أَقْسَامُ التَّعْرِيفِ كُلِّهَا هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ سَائِرُ الْمَنَاطِقَةِ وَالنُّظَّارِ وَالشَّيْخُ خَالَفَهُ بِلَا سَنَدٍ فَلَا يُتَّبَعُ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِلْمُسَمَّى بِالْقُرْآنِ شَرْعًا إلَّا هَذَا الشَّخْصُ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَالْأَشْخَاصُ كُلُّهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ مَفَاهِيمَ كُلِّيَّةٍ حَتَّى قَالُوا: إنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ كُلِّيٌّ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ وَالتَّعَقُّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْجُودُ خَارِجًا لَيْسَ إلَّا الْفَرْدُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ.

وَقَدْ قَالُوا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ: إنَّهُ كُلِّيٌّ أَنْحَصَرَ فِي فَرْدٍ كَالشَّمْسِ، فَإِنَّ مَدَارَ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ عَلَى التَّصَوُّرِ وَالتَّصَوُّرَاتُ لَا حَجْرَ فِيهَا كُلُّ ذَلِكَ مُبَيَّنٌ أَتَمَّ بَيَانٍ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ وَالْمَنْطِقِيَّةِ وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: إنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى الشَّخْصِيِّ اعْتِبَارِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْمَاهِيَّةِ وَالتَّشَخُّصِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُنَاقِضُهُ مِنْ الْحَصْرِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَتَدَبَّرْ وَلَا تَكُنْ أَسِيرَ التَّقْلِيدِ وَانْظُرْ لِمَا قَالَ لَا لِمَنْ قَالَ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُهُ سُورَةُ إلَخْ فَمِنْ لِلْبَيَانِ لَا لِلِابْتِدَاءِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ ثَابِتٌ لِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ لِأَوَّلِ سُورَةِ الْحَمْدِ.

(قَوْلُهُ: الْمُحْتَجُّ بِأَبْعَاضِهِ) كَالتَّعْلِيلِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْقُرْآنِ هُنَا اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ إلَخْ لَا الْمَدْلُولُ الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِأَبْعَاضِهِ وَالِاحْتِجَاجُ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ إذْ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لَا اطِّلَاعَ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مُسَمَّى الْقُرْآنِ هُوَ الْكُلُّ كَمَا قَالَهُ سم خِلَافًا لِلنَّاصِرِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافُ الْمَعْنَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ هُنَا وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَدْلُولِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ بِالدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ أُضِيفَ لَهُ كَلَامٌ لَفْظِيٌّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ كَلَامٌ نَفْسِيٌّ كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ

إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015