مَعَ مَا ذَكَرَ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةٍ مِنْ الطَّاعَةِ أَوْ الْعِصْيَانِ بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَأُجِيبَ بِوُجُودِهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ.

وَفِي قَوْلِهِمْ لَا يَعْلَمُ الْمَأْمُورُ بِشَيْءٍ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهِ عَقِبَ سَمَاعِهِ لِلْأَمْرِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ لِمَوْتٍ قَبْلَ وَقْتِهِ أَوْ عَجْزٍ عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ وَبِتَقْدِيرِ وُجُوبِهِ يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ الدَّالِّ عَلَى التَّكْلِيفِ كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ غَدًا إذَا مَاتَ أَوْ عَزَلَ قَبْلَ الْغَدِ يَنْقَطِعُ التَّوْكِيلُ، وَمَسْأَلَةُ عِلْمِ الْمَأْمُورِ حَكَى الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ فِيهَا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ التَّكْلِيفِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQإشَارَةً إلَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْأُولَى وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ إلَخْ إشَارَةً إلَى الْمُخَالَفَةِ فِي الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مَعَ عِلْمِ الْآمِرِ بِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّرْطِ فِي الشَّاهِدِ قَطْعًا لِجَهْلِهِ بِعَاقِبَةِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا فِي حَقِّهِ تَعَالَى فَقَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْحُصُولَ فَلَا شَرْطَ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَإِنْ عَلِمَ الْعَدَمَ فَلَا أَمْرَ وَرَدَّهُ الْأَشَاعِرَةُ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ حَالَ الْمَأْمُورِ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْأَمْرِ فَفَائِدَتُهُ الْعَزْمُ وَلَيْسَ هَذَا بِأَبْعَدَ مِنْ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ الْمُتَقَدِّمِ.

(قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) عَلَى الْتِزَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلتَّكْلِيفِ مِنْ فَائِدَةٍ يَعْلَمُهَا وَإِلَّا قُلْنَا أَنْ نَمْنَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَائِدَةُ سَلَّمْنَا فَجَازَ أَنْ لَا نَعْلَمَهَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَيْضًا كُلُّ فِعْلٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْمُكَلَّفُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ كَتَعَلُّقِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، فَلَوْ كَانَ عِلْمُ الْآمِرِ بِانْتِفَاءِ شَرْطِ وُقُوعِهِ مَانِعًا مِنْ التَّكْلِيفِ لَمْ يَكُنْ تَارِكُ الصَّلَاةِ مَثَلًا عَمْدًا عَاصِيًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهَا؛ لِأَنَّ الْآمِرَ عَالِمٌ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ فِي وَقْتِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِمْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي قَوْلِهِمْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّكْلِيفُ مَعَ انْتِفَاءِ الشُّرُوطِ وَلَا ثِقَةَ عِنْدَهُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وُجُودِهِ) أَيْ الْمَوْتِ أَوْ الْعَجْزِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ إلَخْ) وَفَرَّقَ بَيْنَ انْقِطَاعِ الْمَوْجُودِ وَعَدَمِهِ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَالُوا: إنَّهُ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي احْتِمَالَ عَدَمِ الِاسْتِمْرَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا عِلْمَ إذْ لَا عِلْمَ مَعَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْجَزْمَ وَحَمْلَ الْعِلْمِ عَلَى الظَّنِّ بَعِيدٌ كَذَا قَالَ النَّاصِرُ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِلْأَصْلِ فَقَطْ بَلْ مَعَ تَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَذَلِكَ لَا يَنْفِي الْعِلْمَ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ الِاحْتِمَالُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِمَالُ انْقَطَعَ التَّكْلِيفُ لَا تَبَيُّنَ عَدَمِهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ تَبَيَّنَ بِهِ الْعَدَمَ لَا الِانْقِطَاعَ إذْ كَمَا يَحْتَمِلُ هَذَا يَحْتَمِلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015