مَعَ الِانْتِهَاءِ عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (قَصَدَ التَّرْكَ) لَهُ امْتِثَالًا فَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ وَالْأَصَحُّ (لَا) وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَالْأَمْرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ) لَهُ (بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ إلْزَامًا وَقَبْلَهُ إعْلَامًا وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْجُمْهُورِ قَالُوا (يَسْتَمِرُّ) تَعَلُّقُهُ الْإِلْزَامِيُّ بِهِ (حَالَ الْمُبَاشَرَةِ) لَهُ (وَ) قَالَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَنْقَطِعُ) التَّعَلُّقُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ وَإِلَّا يَلْزَمُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَلَامَ فِي الْمُكَلَّفِ بِهِ فِي النَّهْيِ وَاشْتِرَاطَ الْقَصْدِ إنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ مُتَّجِهٌ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ فَقَوْلُ سم إنَّ قَصْدَ التَّرْكِ امْتِثَالًا عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِ بِهِ فِي النَّهْيِ وَإِنَّ اعْتِرَاضَ الْكُورَانِيِّ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ مُرَادِ فَهْمِ هَذَا الْقَائِلِ تَحَامُلٌ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الِانْتِهَاءِ) اعْتَرَضَهُ الْكَمَالُ بِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِانْتِهَاءِ وَالْقَصْدِ شَرْطٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَلْيَكُنْ قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى لَا بُدَّ لِيَصِيرَ الْمَعْنَى وَقِيلَ: لَا بُدَّ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ مَعَ الِانْتِهَاءِ إلَخْ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ " مَعَ " تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْبُوعِ فَلَا تَقْتَضِي كَوْنَ الْقَصْدِ مَشْرُوطًا مُصَاحَبَتُهُ لِلِانْتِهَاءِ أَنَّ الِانْتِهَاءَ شَرْطٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّرْكِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ، وَالْأَعْمَالُ جَمْعُ عَمَلٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمُقَابِلِ لِلتَّرْكِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْأَعْمَالِ أَوْ لِاعْتِبَارِهَا فَكَانَتْ التُّرُوكُ عَلَى الْأَصْلِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لَهَا اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ) تَعْبِيرُ غَيْرِهِ بِالتَّكْلِيفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَمْرِ اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعَلُّقَيْنِ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّعَلُّقِ الْإِعْلَامِيِّ اعْتِقَادُ وُجُوبِ إيجَادِ الْفِعْلِ كَأَنَّهُ قِيلَ لِلْمُكَلَّفِ: افْعَلْ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ، فَإِنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَاجِبٌ إذَا دَخَلَ وَقْتُهُ وَمِنْ الِالْتِزَامِيِّ الِامْتِثَالُ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِكُلٍّ مِنْ الِاعْتِقَادِ وَالْإِيجَادِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ وَالتَّعَلُّقِ الْإِعْلَامِيِّ تَغَايُرُ التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ وَالتَّعَلُّقِ الْإِعْلَامِيِّ وَإِنَّ الْمَعْنَوِيَّ أَزَلِيٌّ وَالْإِعْلَامِيَّ حَادِثٌ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ التَّعَلُّقَاتُ ثَلَاثَةً: تَنْجِيزِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ وَإِعْلَامِيٌّ، وَأَمَّا الِالْتِزَامِيُّ: فَهُوَ التَّنْجِيزِيُّ.
وَقَدْ يُقَالُ: وُجُوبُ الْإِعْلَامِيِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ بَلْ يَكْفِي دُخُولُهُ فِي الْأَمْرِ بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ الْأَمْرُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُجُودُ النَّوْعِ بِدُونِ جِنْسِهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الْكَلَامُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ الَّذِي يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ أَمْرًا بِالْفِعْلِ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ فَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ سم مِنْ التَّكَلُّفَاتِ.
(قَوْلُهُ: إلْزَامًا) قَاصِرٌ عَلَى أَمْرِ الْإِيجَابِ وَيُعْلَمُ أَمْرَ النَّدْبِ الْمُؤَقَّتِ بِالْمُقَايَسَةِ وَهُوَ وَإِعْلَامًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ الْحَالِ بِتَقْدِيرِ ذَا أَوْ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَيْ تَعَلُّقُ إعْلَامٍ وَإِلْزَامٍ.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَالْجَارِّ مُتَعَلِّقٌ بِتَعَلُّقٍ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ وَصْفُ الْمَصْدَرِ قَبْلَ عَمَلِهِ لَكِنَّهُ مُغْتَفَرٌ فِي الظُّرُوفِ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالْإِلْزَامِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَخْ) مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَلْزَمُ) تَقْرِيرُ الدَّلِيلِ هَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ التَّعَلُّقُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ لَزِمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَبَطَلَ الْمُقَدَّمُ فَثَبَتَ نَقِيضُهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَائِدَةَ