وَهَذَا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

وَإِنْ لَمْ تُرَاعَ إلَّا الْأَبْلَغِيَّةُ هُنَاكَ بِأَنْ يُرَادَ الثَّنَاءُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ فَذَلِكَ الْبَعْضُ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ لِصِدْقِهِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا الْكَثِيرَ فَالثَّنَاءُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ الثَّنَاءِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا نَعَمْ الثَّنَاءُ بِهَا مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهَا أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ الثَّنَاءِ بِهِ.

(عَلَى نِعَمٍ) جَمْعُ نِعْمَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَزْيَدُ فِي الْمَعْنَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَأَمَّا كَوْنُهَا أَبْلَغَ مِنْ الْبَلَاغَةِ أَيْ أَتَمُّ بَلَاغَةً فَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَامَاتِ كَمَا بَيَّنَّاهُ سَابِقًا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْحَمْدُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا أَيْ ثَنَاءٌ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ هِيَ مَالِكِيَّةُ جَمِيعِ الْحَمْدِ وَاعْتَرَضَهُ الْكَمَالُ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ كُلُّ حَمْدٍ مُسْتَحَقٌّ لَهُ تَعَالَى أَوْ مُخْتَصٌّ بِهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ثَنَاءً بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ صِفَةٌ تَتَضَمَّنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ إجْمَالًا؛ لِأَنَّ كُلَّ حَمْدٍ مَعْنَاهُ كُلُّ ثَنَاءٍ بِجَمِيلٍ وَكُلٌّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى جَمِيلٌ فَرِعَايَةُ الْأَبْلَغِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الشَّارِحُ حَاصِلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ عَلَى وَجْهٍ أَظْهَرَ وَلَا يَدَّعِي أَنَّ الِافْتِتَاحَ بِمَا سِوَى مَا اُفْتُتِحَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ أَبْلَغُ مِنْ الِافْتِتَاحِ بِهِ إلَّا مَنْ ذَهِلَ عَنْ مُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلْأَدَبِ مَعَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَأَطَالَ الْمُحَشِّي فِي رَدِّهِ تَرَكْنَاهُ لِمَا فِي أَكْثَرِهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّحَامُلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُرَاعَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا رُوعِيَتْ الْأَبْلَغِيَّةُ وَلَفْظُ هُنَاكَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ نَحْمَدُك اللَّهُمَّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرَادَ الثَّنَاءُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ انْتِفَاءَ رِعَايَةِ الْأَبْلَغِيَّةِ صَادِقٌ بِإِرَادَةِ الثَّنَاءِ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ وَالثَّنَاءِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ الصَّادِقِ بِالثَّنَاءِ بِكُلِّ الصِّفَاتِ وَبِبَعْضِهَا فَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ قَيْدَ الْبَعْضِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَلْيَقَ بِمَقَامِ تَرْجِيحِ الْفِعْلِيَّةِ.

وَأَجَابَ الْمُحَشِّي بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: بِأَنْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تُرَاعَ الْأَبْلَغِيَّةُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لَهُ وَالْمَعْنَى وَإِنْ انْتَفَتْ مُرَاعَاةُ الْأَبْلَغِيَّةِ بِسَبَبِ أَنْ يُرَادَ الثَّنَاءُ بِالْبَعْضِ وَبِالْكُلِّ بِخِلَافِ إرَادَةِ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ فَاحْتَاجَ لِبَيَانِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ بِأَنْ لِلتَّمْثِيلِ بِمَعْنَى كَانَ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ شَيْخَيْ الشَّافِعِيَّةِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي كُتُبِهِمَا عَلَى مَا قَطَعَ بِهِ اسْتِقْرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَابَعَهُمَا الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَذَلِكَ الْبَعْضُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إبْهَامُهُ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ لِصِدْقِهِ بِهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَبِغَيْرِهَا مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ إنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلُ فِي الْأَبْلَغِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَالثَّنَاءُ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْبَعْضِ أَبْلَغُ مِنْ الثَّنَاءِ بِهَا أَيْ مِنْ تِلْكَ الْوَاحِدَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ التَّقَادِيرِ لَا كُلِّهَا إذْ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ تِلْكَ الْوَاحِدَةِ بِهِ فَالْمَوْجُودُ الْمُسَاوَاةُ لَا الْأَبْلَغِيَّةُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ الثَّنَاءَ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ أَبْلَغُ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ، اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَبْلَغُ دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ أَرْجَحِيَّةِ الثَّنَاءِ بِهِ عَلَى الثَّنَاءِ بِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهَا أَيْ تَعْيِينُهَا بِالْعِبَارَةِ وَالْحَيْثِيَّةِ لِتَعْلِيلِ الْأَوْقَعِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ أَيْ أَمْكَنُ فِيهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015