أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله وإذا حنث فيها لزمته الكفارة لقوله تعالى: {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ} [سورة اد مائدة، الآية: 89] ويمين اللغو أن يحلف على أمر ماض! وهو يظن أنه كما قال: والأمر بخلافه فهذه اليمين نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها انتهى. يعني ولا كفارة فيها أيضا وهذا مما محله كتب الفقه، وقوله: تربصا للتوبة أي تركه وأمهله لأجل أن يتوب الله عليه والعاصي المصر استدراجاً له. قوله: (أي يحلفون على أن لا يجامعوهن الخ) الإيلاء من الألية وهي القسم لكنه خص بقسم مخصوص والقسم إنما يتعدى بالباء أو بعلى كأقسم بالله على كذا فنقل الطيبي أنّ هذا الفعل، يتعدى بمن وعلى، وقال النحرير: إنه الوجه الجاري في جميع الموارد ونقل أبو البقا عن بعضهم من أهل اللغة تعديته بمن وقيل: إنها بمعنى على وقيل: بمعنى في وقيل: زائدة ومن منع ذلك ضمنه معنى متباعدين أو ممتنعين أو جعله ظرفا مستقرّاً أي استقرّ لهم من نسائهم تربص أربعة أشهر وقوله: فاعل الظرف هو مذهب الأخفش حيث جوّز عمله وان لم يعتمد وغيره يمنعه وقوله: أضيف إلى الظرف على الاتساع أي بأن جعل مفعولاً به ونقل عن بعضهم أنّ الإضافة على معنى في فلا تسمح على القول بها وهو مذهب كوفي. قوله: (ويؤيده فإن فاؤوا الخ) فإنها
للتعقيب والآية مع الشافعيّ رحمه الله تعالى بصريحها، وقوله: سميع يقتضي التلفظ بالطلاق وإنه لا يقع بنفس مضيّ المدة إذ عزم الطلاق لا يسمع عادة وان كان أهل السنة يجوّزون سماع غير الأصوات وهم لما رأوها كذلك أوّلوها بأن الفاء للتفصيل لا للتعقيب لأنه يقع عقيب الإجمال ذكراً وتقديراً وأيضاً هو لا يخلو من دندنة تسمع ووسوسة يعلمها فجعل كأنه يسمعها ولا يخفى أنه كله مخالف للظاهر وأيده في الكشف أيضاً بأنه مروفي عن كثير من الصحابة لأنهم فهموه من الآية وتفصيله في الفروع، وقوله أو ما تعرض في نسخة توخي أي قصد وقوله: سميع لطلاقهم إشارة إلى أنه مؤيد لمذهبه كما قدمنا. قوله: (الإيلاء في أربعة أشهر فما دونها (الأصح فما فوقها أي فيما يجاوزها من الزيادة على الأربعة للاتفاق من الحنفية على أن أقل المدة أربعة أشهر مع شرط الزيادة عند الشافعيّ رحمه الله، وقوله: بأحد الأمرين أي الفيء أو التطليق. قوله: (يريد بها المدخول بهن الخ الأنه لا عذة على غير المدخول بها وعدة غير ذوات الأقراء بحمل أو صغر أو كبر يوضع الحمل أو الأشهر، وترك قيد الحرية ولا بد منه إذ عدة الأمة قرآن لأنه سينبه عليه وهل هو عام مخصوص أو مطلق مقيد ذهب في الكشاف إلى الثاني فقيل: إنه نفي لما عليه الجمهور من أنّ الجمع المعرف باللام عام مستغرق لجميع الأفراد وذهاب إلى أنه لا عموم فيه ولا خصوص بل هو موضوع لجنس الجموع والجنسية معنى قائم في الكل والبعض والتعيين دائر مع الدليل، والعجب أنه كثيراً ما يقول في المطلق أطلق لتناول جميع الأفراد وفي مثل العالمين إنه جمع لتناول كل ما سمي به وفي قوله: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران، الآية: 08 أ] إنه نكر ظلما وجمع العالمين على معنى أنه لا يريد شيئا من الظلم وحد من خلقه والأقرب أن يقال: هو عام خص منه المذكورات يعني أنّ في كلامه تناقضا، وفيه بحث. قوله:) خبر بمعنى الأمر الخ (قال: النحرير ظاهره أنّ المضارع الواقع خبراً في معنى الأمر فيقع الإنشاء خبر المبتدأ بتقدير القول أو بدونه كما ارتضاه هو وأورد عليه أن الواقع موقع الأمر الجملة بتمامها من غير محذور أنّ الزمخشريّ أشار إليه بقوله: أصل الكلام ولتتربص المطلقات ثم ذكر أنّ وجه هذا المجاز تشبيه ما هو مطلوب الوقوع بما هو متحقق الوقوع في الماضي كما في رحمه الله أو المستقبل أو الحال كما في هذا المثال وبهذا ظهر أنّ قوله وكأن الخ تسامح والصواب فكأنهن يمتثلن البتة فهو يخبر عنهن بوجود ذلك منهن
في الحال أو الاستقبال وفيه نظر إذ لا تسامح بالنظر لنفس الأمر مع أنه إن كان بالنسبة إلى الإخبار فإنه أمر فرضي تقديرقي وقوله: وبناؤه الخ. إما لتكرار الإسناد واما لأنك لما ذكرت المبتدأ أشعرت السامع بأن هناك حكما عليه فإذا ذكرته كان أوقع عنده من أن تذكر الحكم ابتداء وقد بين ذلك في شروح المفتاح أتمّ بيان، وقوله: وكأنّ المخاطب الظاهر أنه على زنة الفاعل وأما إن كان على زنة المفعول فتذكيره لأن المخاطب به في الحقيقة الحكام فإن كان النساء فبتأويل الشخص أو الفريق ونحوه فلا يرد ما قيل: الظاهر المخاطبة ألا ترى إلى