قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
لمقابلة المتأني اللازم والمصنف رحمه الله رجح المتعدي لأنّ المراد بيان أمور الحج لا التعجل مطلقا ولذا قدر في تأخر في النفر ومن الناس من لم يظهر له وجهه وهو ظاهر، والنفر مصدر كالضرب الرجوع من منى إلى البيت، ويوم القرّ بالفتح بمعنى القرار أوّل أيام التشريق لاستقرارهم فيه بمنى ويسمى يوم الرؤس لأنها تؤكل فيه والذي بعده ثانيها، وقوله: فمن نفر الخ إشارة إلى أنّ النفر في يومين ليس شاملا للنفر في اليوم الأوّل فإنه لا يجوز إذ لا يقال فعلت كذا في يومين بلا مدخلية لليوم الثاني، فمن قال التقدير في أحد يومين أخل بالبيان وقوله: بعد رمي الجمار عندنا إشارة إلى وقت جواز النفر لكنه عليه أن يقيده بقوله إلى غروب الشمس لأنه لا يجوز بعده، وقوله: عنده أي عند أبي حنيفة رحمه الله والمقام مقام الإظهار فعنده أنه لا يصح النفر بعد طلوع فجر الثالث قبل الرمي ولذا قال قبل طلوع الفجر وسقط قبل في بعض النسخ وهو من الكاتب وكان المصنف رحمه الله تساهل في البيان لأنه معلوم في الفروع مفروغ عنه. قوله: (ومعنى نفي الإثم الخ) تبع فيه الكشاف لأنّ التخيير يجوز بين الفاضل والمفضول لأن التأخير فضل ورده في الانتصاف بأن التخيير يوجب التساوي فلا يصح ما قاله، وأجيب بأنه إنما يمتنع إذا لم يسبق بمنع لأحد الطرفين فإن سبق به جاز التخيير إشارة إلى مطلق الجواز فيهما ولذلك عطف عليه الردّ على أهل الجاهلية فعلى هذا هما جواب واحد وقيل: الأوّل جواب بمنع امتناع التخيير بين الفاضل والمفضول، والثاني جواب بتسليمه وعليه
كان الظاهر أن يقول أو الردّ. قوله: (أي الذي ذكر الخ) يريد أن اللام في {لِمَنِ اتَّقَى} للبيان كما في هيت لك وهو في التحقيق خبر مبتدأ محذوف أو الاختصاص وتخصيص المتقي لأنه الحاج على الحقيقة وما سواه كأنه ليس بحاج أو لأنه هو الذي يلتفت لهذا وينتفع به أو للتعليل وأمّا تفسير المنفي بمن اتقى الشرك فلا حاجة إليه، ومعنى مجامع الأمور المحالّ الجامعة لها وهو كناية عن جميع الأمور ولو عبر به لكان أظهر، ويروقك بمعنى يحسن في عينيك ومعنى التعجب ما ذكر ولذلك قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب ومن قال: إنّ في هذا التعريف دورا أتى بأمر يتعجب منه. قوله: (متعلق بالقول الخ) ومعنى قوله في الدنيا تكلمه في الأمور المتعلقة بالدنيا سواء كانت عائدة إليه أولاً أو في معنى الدنيا أي ما يقصده منها ليأخذه وينتفع به، وعبارة الكشاف صريحة فيه فإنه قال أي يعجبك ما يقوله في معنى الدنيا لأنّ ادّعاءه المحبة بالباطل يطلب به حظا من حظوظ الدنيا وهذا في معنى القول بجعل في للتعليل كما في عذبت امرأة في هرة، ومن لم يتنبه لمراده قال إن مآل الوجهين واحد والتغاير بينهما باعتبار المضاف المقدر واعجابه به لفصاحته واكتفى المصنف ببيانه في الوجه الثاني وقوله في الآخرة مأخوذ من التخصيص، وقوله: والحبسة كاللكنة لفظا ومعنى وقوله لأنه لا يؤذن له فهو على حد:
ولا ترى الضب بها ينحجر
وفيه تأمّل، وقوله: يحلف الخ لأن أشهد الله وما بمعناه يستعمل في اليمين. قوله:) شديد العداوة الخ) إشارة إلى أن ألدّ صفة كأحمر لا أفعل تفضيل لجمعه على لد وتأنيثه بلداء ونقل أبو حيان عن الخليل رحمه الله أنه أفعل تفضيل فلا بد من تقدير أي وخصامه أشد الخصام أو ألد ذوي الخصام أو يجعل هو راجع إلى الخصام المفهوم من الكلام وإن كان الخصام جمع خصم ككلب وكلاب فهو ظاهر إلا أنه يريد عليه أنّ ما بنى منه أفعل الصفة لا يبنى منه أفعل تفضيل إلا أن يكون على خلاف القياس، وفي الكشاف والخصام المخاصمة
وإضافة الألدّ بمعنى في كقولهم ثبت الغدر أو جعل الخصام ألذ على المبالغة وقيل: الخصام جمع خصم والذي دعاه إلى هذا أنّ الألد ليس هو الشديد مطلقا بل الشديد من الناس في الخصومة فلذا جعل الإضافة بمعنى في أو جعل الخصام ألذ مجازاً، قال النحرير: لا من جهة أن ألذ أفعل تفضيل بل من جهة أن اللدد شدة الخصومة وكل شديد بالنسبة إلى ما دونه أشد وفيه نظر. قوله: (قيل نزلت في الآخنس بن شريق الخ أأخنس بخاء معجمة ونون وسين مهملة وشريق فعيل من شرق، وقيل: عليه أنه مردود لأنّ الأخنس أسلم عام الفتح وحسن إسلامه كما رواه ابن الجوزي وغيره