وقوله: ولا تقبضوا بالتشديد بيان لطريق المجاز أي لا تجعلوا التهلكة مسلطة عليكم فتأخذكم كما يأخذ المالك القاهر يد مملوكه فسبيل هذا المجاز سبيل الاستعارة المكنية، ولما فيه من الخفاء ضعفه المصنف ولكونه المعنى المشهور المتبادر منه إذ معناه لا تستسلموا وتنقادوا للهلاك قذمه الزمخشرفي لجزالته وعلى الوجه الأخير هو متعد حذف مفعوله ومعناه لا تقتل نفسك بيدك كقولهم لا تفعل كذا برأيك.

قوله: (أي ائتوا بهما تامين مستجمعي المناسك الخ) ذهب أبو حنيفة إلى انّ العمرة ليست بواجبة والشافعي قال إنها واجبة كالحج، واستدل بعضهم بهذه الآية لأنّ معنى أتموا ائتوا بهما تامين والأمر للوجوب ويؤيده القراءة الأخرى وما ورد في الحديث والأحاديث الدالة على عدم الوجوب يعارضها أحاديث أخر لا يعلم المتأخر منها حتى يكون ناسخا لكن ظاهر النظم

أمر بالإتمام وهو لا يدل على الوجوب لأنّ التطوّع بعد الشروع فيه واجب عند الحنفية لكن وجوب الإتمام فرع وجوب الأصل عند الشافعية فهو عندهم يدل على الوجوب على كل تقدير وإنما أوّله المصنف رحمه الله إرخاء للعنان معهم وجعل الزمخشري الأمر بإتمامهما أمرا بأدائهما وهو بعيد، وكذا ما قيل: الأمر بالإتمام مطلقاً أمر بالقضاء لأنه موقوف على الشروع. قوله: (وما روى جابر رضي الله عنه الخ) ردّ على من استدل به للحنفية وأورد عليه أنّ قول الصحابيّ لا يعارض! الحديث المرفوع وهو غير وارد لأنّ قوله سنة نبيك إن لم يكن رفعا فهو في حكمه وأمّا ما قيل: إنّ حديث جابر رضي الله عنه إنما يكون صارفا لو ثبت أنه كان سابقاً على القرآن ليدل على عدم قصد الوجوب أمّا لو كان متأخراً والآية دالة على الوجوب كما هو الأصل رفع حكم الآية بخبر الواحد وهو لا يجوز فغير وارد لأنّ الآية تحتمل الوجوب وعدمه بيان أحد المحتملين بخبر الواحد جائز وليس بنسخ عند الحنفية كما مز. قوله: (ولا يقال إئه فسر وجدانهما الخ) رذ لقول الزمخشري وأفا حديث عمر رضي الله عنه فقد فسر الرجل كونهما مكتوبين عليه بقوله أهللت بهما وإذا أهل بالعمرة وجبت عليه كما إذا كبر بالتطوّع من الصلاة، يعني قوله أهللت بهما استئناف لبيان الموجب والمعنى وجدتهما مكتوبين لأني أهللت بهما جميعاً للشروع لا للأمر، ولا يخفى أنه لا ينهض دليلاً عليهم وهم لا يقولون بأنّ الشروع ملزم فكيف يلزمهم بما لم يسلموه، وأمّا قول المصنف رحمه الله أنه رتب الإهلال الخ فإنما يتم لو كان فأهللت بالفاء واذعاء تقديرها خلاف الظاهر مع أنه قيل: إنّ قول عمر رضي الله عنه أصبت سنة نبيك يحتمل أنه رذ لقوله مكتوبين بأنها سنة. قوله: (وقيل إتمامهما أن تحرم الخ) دويرة تصغير دار للتلطف لا للتحقير وهذا إنما يصح إذا أمكن المسير من الدار في أشهر الحج

لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} وأمّا إذا لم يمكن ذلك فلا كما بين في الفروع ولذا ضعف هذا القول وقوله: وأن تجرده أي السفر، وقال الإمام: الاحتياط القول بوجوب العمرة. قوله: (يقال حصره العدوّ وأحصره الخ) الأكثر في استعمال الإحصار في منع يكون من مثل الخوف والمرض والحصر فيما يكون من جهة العدوّ وان كانا في الأصل لمطلق المنع، فاعتبر أبو حنيفة رحمه الله في حق الحكم مطلق المنع على ما هو الوضع والشافعي رحمه الله المنع من جهة العدوّ لقيام الدليل، وهو أن رئيس المفسرين وهو أعرف بمواقع التنزيل قد فسر الحصر بحصر العدوّ وقول الصحابي وان لم يكن حجة عنده والتقييد خلاف الظاهر لكن لم يقم دليل على خلافه وروده في حصر العدوّ لا يصلح دليلاً إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لكن وقوعه في مقابله قوله فإذا أمنتم يقويه، وتفسيره بأمنتم الإحصار خلاف الظاهر إذ المتبادر من الأمن من العدوّ. قوله: (من كسر أو عرج) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائيّ وابن ماجه والحاكم من حديث الحجاج بن عمرو وكسر مبنيّ للمجهول أي كسر منه عضو منعه من الحركة وعرج بفتح الراء أصابه عرج عارض! وأمّا الخلقي فبكسر الراء وقابل اسم فاعل بمعنى آت مطلقاً لكنه خص في الاستعمال بالعام الذي بعد عامك وهو دليل لأبي حنيفة في التحلل بالمرض، وقوله: ضعيف غير مسلم لأنه روي من طرق مختلفة في السنن فلذا احتاج إلى تأويله بالاشتراط ومعنى الاشتراط كما فسره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015