أو تعريف فلا لأن الفتنة على المرضيّ لم تفسر بالشرك كما مر وأمّا تعليق الانتهاء بهما أولاً فلأن تفريعه على القتال قبله يقتضي تعلقه بالقتال وذكر المغفرة بعده يقتضي الكفر فلذا عمم في الأوّل وأمّا هنا فلأنه متفرع على اختصاص الدين بالله وهو يقتضي الانتهاء عن الشرك ولا حاجة إلى ذكر القتال لاستلزامه له وتقدم ذكر الانتهاء عنه فتأمّل. قوله: (فلا تعتدوا على المتتهين الخ) قال النحرير: الظرف في موقع الخبر أي لا عدوان ثابت على قوم إلا على الظالمين ولما كان في ترتب الجزاء على الشرط نوع خفاء إذ الظاهر فلا عدوان عليهم ذكر له ثلاثة معان الأوّل أنه كناية عن النهي عن العدوان على المنتهين أي العدوان مختص بالظالمين

حأضبة الشهاب / ج 2 / م ا 3

والمنتهون ليسوا بظالمين فلا تعتدوا عليهم، الثاني أنه مشاكلة بتسمية جزاء العدوان عدوانا أي لا تظلموا إلا الظالمين دون المنتهين يعني لا تفعلوا ما هو في صورة الظلم مجازاة له بمثله إلا مع الظالمين ففي الوجهين القصد إلى النهي مجازا أو كناية لكن النهي في الأوّل عن قتال المنتهين لكونه ظلما حقيقة وفي الثاني عن مجازاة غير الظالمين بما هو في صورة الظلم بالنسبة إلى الظالمين، الثالث أنّ المذكور سبب للجزاء أي إن انتهوا فلا تتعرّضوا لهم لئلا تكونوا ظالمين فيسلط الله عليكم من يعدو عليكم لأنّ العدوان لا يكون إلا على الظالمين أو المراد أنه كناية على معنى إن انتهوا يسلط الله عليكم من يعدو عليكم على تقدير تعرّضكم لهم بصيرورتكم ظالمين بذلك، وقيل: في المشاكلة إنه سمي جزاء الظلم ظلما وان كان عدلاً من المجازي لكونه ظلما في حق الظالم من عند نفسه لأنه ظلم نفسه بالنسبة لإلحاق الجزاء به. قوله: (قاتلهم المشركون عام الحديبية (فيه نظر لأن عام الحديبية لم يكن فيه قتال بل صد كما في الصحيحين وجمع بين الروايتين بأنه لم يكن فيه قتال شديد بل ترام بسهام وحجارة كما روي عن ابن عباس في سورة الفتح وفيه نظر، وقوله وقيل: لهم هذا الشهر بذاك أي إنّ الله أحل لكم جزاء على ما كان منهم. قوله: (يجري فيها القصاص (إشارة إلى أنّ في الكلام مقدراً أي ذوات قصاص، وقوله: هو فذلكة أي إجمال لما فصل متفرع عليه تفرع النتيجة وهو عدول عن قول الزمخشرفي أنه تأكيد لأنّ التأكيد لا يعطف بالفاء إلا أن تجعلها اعتراضية فإنّ الاعتراض! يفيد التأكيد ويكون بالفاء كما مر، وقوله: فيحرسهم يشير إلى أن المعية استعارة وتمثيل والعنوة القهر ويقابلها الصلح. قوله: (ولا تمسكوا كل الإمساك الخ (فسره به ليقابل الإسراف ولما كان قوله ولا تلقوا بأيديكم الخ يحتمل تعلقه بقوله قاتلوا أو بقوله أنفقوا أو بهما والثاني أقرب ولذا قدمه والمعنى حينئذ النهي عن ترك الإنفاق أو عن الإسراف فهو تذييل قيل:

وإنما احتملت الآية الضدين لأنّ اليد تستعمل في الإعطاء والمنع قبضاً وبسطا قال تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [سورة الإسراء، الآية: 29] فالآية تحتمل النهي عن حاشيتي السخاء، وقوله أو بالكف إشارة إلى تعلقه بهما معا وقوله: ويؤيده ما روي الخ رواه الترمذفي وأبو داود عن أسلم بن عمران مع اختلاف في ألفاظه وقوله: أو بالإمساك الخ يعني التهلكة هنا البخل لأنه يسمى هلاكا وأصل معنى الهلاك لغة تناهي الفساد كقوله: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [سورة البقرة، الآية: 205] أي يفسدهما ومنه الاستهلاك. قوله:) والإلقاء طرح الشيء وعد! بإلى لتضمن معنى الانتهاء) أو الإفضاء وهذا أولى لأنه لا تكون الباء فيه مزيدة إذ زيادتها في المفعول شاذة والأيدي مجاز عن الأنفس، وكون التهلكة بالضم مصدرا كالتضرة بالضاد المعجمة بمعنى الضرر والتسرّة بمعنى السرور منقول عن سيبويه وهو الصحيح لكنه من النوادر ومثله في ألأسماء تنضبة لشجرة وتتفلة للثعلب وجوّز الزمخشري أن يكون أصلها كسر اللام فضمت قبل ويؤيده أنه قرئ به، وردّه أبو حيان بأنّ مصدر فعلي لا يكون تفعلة، وبأنه دعوى بلا دليل وكونها بمعنى الهلاك هو المشهور وقيل: التهلكة ما أمكن التحرّز عنه والهلاك ما لا يمكن وقيل: هي نفس الشيء المهلك. قوله: (وقيل: معئاه لا تجعلوها آخذة بأيديكم) هذا الوجه قدمه الزمخشرقي وهو على زيادة الباء قال الباء في بأيديكم مزيدة مثلها في أعطى بيده للمنقاد والمعنى ولا تقبضوا التهلكة أيديكم أي لا تجعلوها آخذة بأيديكم مالكة لكم يعني لا توقعوا أنفسكم فيما تتحققون الهلاك به من قولهم أعطى بيده من انقاد كما يقال: في ضدّه نزع يده عن الطاعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015