ثم ذكر المصنف أنّ المعنى الأخير جار في المشهورة من أطاق الفعل بلغ نهاية طوقه فيه، وجاز أن تكون الهمزة للسلب كأنه سلب طاقته بأنه كلف نفسه المجهود فسلب طاقته عند تمام بذله ويكون مبالغة في بذل المجهود لأنه مثارف زواله إذ ذاك ولا حاجة إلى تقدير لا كما ذهب إليه بعضهم فقوله فيكون ثابتا أي غير منسوخ، وقوله يصومونه جهدهم وطاقتهم أي يجهد ومشقة تضعفهم وتتعبهم. قوله: (فمن تطوّع خيرا) قال النحرير قوله فمن تطوّع خيراً مصدر خرت الرجل فأنت خائر وفي قوله فهو خير له اسم تفضيل بمعنى أزيد خيراً وضمير فهو للتطوّع أو لخير المصدرية، وحمل التطوّع

على الزيادة على الفدية لأنّ التطوّع كما مّر يستعمل غير الواجب، وقوله: أيها المطيقون على القراءة والمطوقون على الأخرى وجهدتم بمعنى وقد جهدتم طاقتكم وكذا قوله من الفدية ناظر إلى الوجوه السابقة في صدر الآية وقوله: إن كنتم من أهل العلم فينزل منزلة اللازم ولا يقدر له متعلق كالذي قبله. قوله: (مبتدأ خبره ما بعده الم يبينه وهو يحتمل وجهين أحدهما أنه الذي أنزل الخ، والثاني أنه قوله فمن شهد الخ والفاء زائدة في الخبر والربط بالاسم الظاهر والأوّل أولى لسلامته من التكلف أو خبر مبتدأ تقديره ذلك أو المكتوب وعلى الأوّل فاسم الإشارة لتقضي المشار إليه أو لتعظيمه بجعل بعد الرتبة بمنزلة البعد المحسوس. قوله: (أو بدل الخ (هو ما ذكره المصنف بدل كل من كل ومنهم من لم يقدر وجعله بدل اشتمال لكن المعهود فيه إبدال المصدر من الظرف نحو: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [سورة البقرة، الآية: 217] وهذا عكسه فما ذكره المصنف أولى. قوله: (وقرئ بالنصب على إضمار صوموا الخ) الوجه الأوّل ظاهر وأما الثاني فأورد عليه أنه يلزم الفصل بين أجزاء الصلة بأجنبيّ منها وهو الخبر والإخبار عن الموصول قبل تمام صلته وكلاهما ممنوعان ولذا وقع في بعض النسخ وفيه ضعف والبدل يبعده بعد المبدل منه والفصل بينهما وجوّز فيه أن يكون مفعول تعلمون بتقدير مضاف أي شرف شهر رمضان ونحوه. قوله: (ورمضان مصدر رمض إذا احترق الخ (قال أبو حيان: يحتاج في تحقيق أنه مصدر إلى صحة نقل فإن فعلانا ليس مصدر فعل اللازم فإن جاء شيء منه كان شاذاً، فقوله: وجعل علما يعني مجموع شهر رمضان علماً لا رمضان وحده قال النحرير: والا لم يحسن إضافة شهر إليه كما لا يحسن إنسان زيد ولهذا لم يسمع شهر رجب وشهر شعبان وبالجملة فقد أطبقوا على أنّ العلم في ثلاثة أشهر مجموع المضاف والمضاف إليه شهر رمضان وشهر ربيع الأوّل وشهر ربيع الثاني وفي البواقي لا يضاف شهر إليه ثم في الإضافة لا تغيير في أسباب مغ الصرف وامتناع اللام ووجوبها على المضاف إليه فيمتنع مثل شهر رمضان وابن داية من الصرف ودخول اللام وينصحرف مثل شهر ربيع الأول وابن عباس

وتجب اللام في مثل امرئ القيس، وتجوز في مثل ابن عباس وعلى هذا فنحو من صام رمضان من حذف جزء العلم لعدم الإلباس كذا قالوا برمتهم) وفيه بحث (من وجوه الأوّل أنّ قوله لا يحسن إضافة العامّ إلى الخاص ينافيه أنهم جوّزوه من غير قبح كما ذكره هذا القائل في علم المعاني ونحوه كمدينة بغداد وشجر الأراك، وأجيب بأنه إذا اشتهر المضاف وعلم أنه من أفراد المضاف إليه ولم يكن في ذكره فائدة فهو قبيح كإنسان زيد والأحسن فهو يختلف باختلاف المقام ولا يقبح مطلقا ولذا تراه إذا قبحه مثل بإنسان زيد وإذا جوّزه بشجر الأراك والمرجع فيه إلى الذوق الثاني أنّ قوله لم يسمع شهر رجب مما شاع بين المتأخرين وكنت أتردد فيه حتى راجعت الكتب القديمة والكتاب وشروحه فوجدته لا أصل له لأنّ كلام سيبويه وغيره من النحاة يخالفه، قال في شرح التسهيل مقتضى كلام المصنف رحمه الله جواز إضافة شهر إلى جميع أسماء الشهور وهو قول أكثر النحويين وقيل: يختص بما أوّله راء غير رجب فادعاؤه إطباقهم عليه غير صحيح وإن اشتهر ذلك الثالث، أنّ النحاة تبعا لسيبويه فرقوا بين ذكر الشهر وعدمه فحيث ذكر لم يفد العموم نحو: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} حيث حذف إفادة نحو من صام رمضان، قال السهيلي: وعلى هذا استعمال رجب ووجهه مذكور في المفصلات وعليه يكون لإضافة العاتم إلى الخاص فائدة فلا يقبح ولا يكون مثل إنسان زيد، وقال أبو حيان: ما ذكره الزمخشرقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015