الراكب واستيلائه على المركوب يتصرّف فيه كيف يشاء، وقوله: وفيه إيماء إلى أنّ من سافر أثناء اليوم وفي نسخة يوم وفيه خفاء ولذا جعله إيماء وقيل: وجهه أنه لما عدل عن الظاهر وهو أو مسافراً أو في سفر إلى على المقتضية للتمكن التامّ وكان لتمام إنما هو بسفر اليوم كله كان فيه إشارة إليه وقوله: أخر يومىء إلى ذلك أيضا فتأمل. والإفطار في السفر رخصة وقال أبو هريرة رضي الله عنه: أنه لو صام في السفر لم يصح ولزمه القضاء في الإقامة تمسكا بظاهر الآية. قوله: (نصف صاع من بر الخ (في الصحيحين عن سلمة رضي الله عنه لما نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} " كان من أراد أن يفطر افتدى حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها " لأنه في أوّل الأمر شق عليهم فرخص لهم ثم نسخ بقوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} لكن يعارضه ما في صحيح البخاري أيضا أنّ ابن عباس رضي الله عنهما تلاها وقال:! ليست منسوخة وهي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " وجمع بأنها كانت في حق الجميع ثم خصت بالعاجز وأورد عليه أنّ هذا ليس من الجمع في شيء فإن منطوق اللفظ لا يساعده لتباين مفهوم من يطيق ومن لا يطيق واعتذر له بأنّ الآية كانت مفيدة للرخصة للمطيقين منطوقا ولغيرهم مفهوما ثم نسخت بالنسبة إلى المنطوق دون المفهوم وفيه بحث وفي شرح تحرير ابن الهمام ومشى ابن الهمام رحمه الله على تقديم ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما لأنه مما لا يقال بالرأي إذ هو مخالف لظاهر القرآن لأنه مثبت فجعله بتقدير حرف النفي لا يقدم عليه إلا بسماع ولأنّ قوله وأن تصوموا خير لكم ليس نصا في نسخه، وأورد عليه أن في هذه الآية خمس قراآت وللكل معنيان أحدهما يقدرون عليه لا مع جهد وعسر وبه فسره النسفي رحمه الله وثانيهما في المجهول يكلفونه على جهد منهم ومشقة وفي المعلوم يتكلفونه على هذا الوجه أيضاً فالآية على المعنى الأوّل منسوخة قطعاً من غير احتياج إلى تقدير لا مع أنه لم ينقل تقديرها عن ابن عباس رضي الله عنهما لكن في قراءة حفصة وعلى الذين لا يطيقونه فيحمل على هذا المعنى على القول بالنسخ وعلى الناتئ ثابتة الحكم عند الجمهور خلافا لمالك وعليه يحمل القول بنفي النسخ على أنه لو كان

محل توارد قولي النسخ، ونفيه في القراءة المشهور تقدير لا وعدمه لكان قول النسخ مقدماً. قوله: (وقرئ يطوقونه الخ) كل هذه اللغات تخريجها ظاهر وإنما الكلام في يطيقونه هل هو تفعل أو تفيعل قال النحرير هو تفيعل إذ لو كان تفعلا لكان بالواو دون الياء كما أن تديرا لو كان تفعلا كما وقع في المفصل لكان تدوراً لأنه واوي ولهذا لما أورده زين المشايخ عليه إذ! ن له وقالط أغواني عبد القاهر: وكذا ديار فيعال ولو كان فعالاً لقيل دوار وذكر المرزوقي أنه تفعل وجاء بالياء نظراً إلى الديار وأنا أظن أنّ ما نقل عن الزمخشريّ لا أصل له فإنّ هذه قاعدة مقررة أن قلب الواو ياء إذا كثر في كلامهم عاملوها معاملة الأصلية وقد كرر هذه القاعدة ابن جني رحمه الله في كثير من كتبه من غير تردد قال في إعراب الحماسة في قول الشاعر:

أن لا يخاف حد وجنا قذف النوى قبل الفساد إقامة وتديرا

التدير تفعل من الدار وقياسها تدوّر لأنّ عينها واو بدلالة قولهم دور غير أنهم لما كثر استعمالهم فيها ديار وديرة أنسوا الياء ووجدوا لفظها أوطأ حساً وألين مساً فاجترؤوا عليها فقالوا: تديرنا داراً وقال حاتم: تديره منها الصهرباد وحاضر انتهى. وقال أيضاً في قول الراجز: إن ديموا جاد وان جادوا وبل

هكذا روا. أبو زيد ورواه أيضاً دوّموا فإمّا أن يكون لما غلبت الياء في الديمة والديم جاؤوا بها على صورة الياء البتة انتهى، فرواية دوموا تقتضي أنه فعلوا لا فيعلوا وذكر له نظائر كإرياح ورياح وهذا مما لا شبهة فيه. قوله: (وعلى هذه القراآت الخ) أي في هذه القرا آت غير المشهورة وهي منقولة عن ابن عباس رضي الله عنهما وفيها وجهان أحد الوجهين أنّ المعنى أنهم يكلفونه لأنّ الصوم في نفسه تكليف والمطيق مكلف به إذ لا يكلف فوق الطاقة وهو بمعنى المشورة والثاني أن ينظر فيه إلى بلوغ الجهد والطاقة ويلاحظ معنى الكلفة بالفعل ويكون المراد به الشيوخ والعجائز ولا يكون منسوخا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015