أن تكون ما استفهامية قصد بها التوبيخ وأصبر فعل ماض بمعنى صيره صابراً لكنه لم يوجد في اللغة أصبر بهذا المعنى، ولذا تركه المصنف رحمه الله. قوله: (أي ذلك العذاب بسبب الخ (يعني ذلك إشارة إلى العذاب والكتاب للجنس والمختلفون هم اليهود القائلون بأنّ البعض من هذا الجنس حق كالتوراة والبعض باطل كالقرآن وجوّز أن يكون إشارة إلى كفر اليهود والكتاب للمعهود أعني القرآن والمختلفون هم المشركون حيث افترقوا في شأنه فرقا وهو ظاهر وأمّا على الأوّل فالاختلاف عائد إلى جنس الكتاب حيث جعلوه قسمين ووصف القوم به تجوّز ثم لما كان إنزال الكتاب ليس نسبباً للعذاب قدر قوله فرفضوه الخ للقرينة القائمة عليه لتتضح السببية وقيل: السببية راجعة إلى الحال الذي هو القيد أي وان الذين الخ فليتدبر. قوله: (وإنّ الذين اختلفوا في الكتاب الخ) تقدم الإشارة إلى أنّ الجملة حالية وأنّ اختلافهم بمعنى اختلاف الكتب عندهم وأن الإسناد مجازيّ وأمّا إذا أريد التوراة فالذين واقع على اليهود وهم لم يختلفوا فيها فالمراد باختلفوا تخلفوا عن سلوك طريق الحق فيها وتأخروا عنه أو جعلوا ما بدلوه خلفا عما فيها، قال الراغب: يقال تخلف فلان فلانا إذا تأخر عنه وإذا جاء خلف آخر وإذا قام مقامه ومصدره الخلافة اهـ. ومن لم يقف عليه قال حمل الاختلاف على الخلف أو التخلف مما لم نجده في كتب اللغة والتقوّل تفعل من القول

بمعنى الكذب والشقاق بمعنى المخالفة كما مرّ، وقوله: بعيد عن الحق بيان لتقدير متعلقه. قوله: (البر كل فعل مرضني) وفي الكشاف الخطاب ولأهل الكتاب لأنّ اليهود تصلي قبل المغرب إلى بيت المقدس والنصارى قبل المشرق، وفي الكشف إنّ هذا بحسب أفق مكة وهو يقتضي أنّ التوجه لهما للقدس وأما كونه مشرقا ومغربا بحسب الأفق لا مطلقا فانظره وذكر القبلة هنا استطراد حسن الموقع لأنه لما ذكر اختلافهم في الأصول تممه باختلافهم في الفروع ولولا هذا لم يرتبط بما قبله، وقوله ليس البر ما أنتم عليه عبارة الكشاف فيما أنتم إشارة إلى أنه لم يقصد الحصر والمصنف رحمه الله أشار إلى أنه حصر إضافيّ لا مانع منه. قوله:) وقيل عام لهم وللمسلمين الخ (فيكون عودا على بدء فإنّ الكلام في أمر القبلة وطعنهم في النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك كان أساس الكلام إلى هذا القطع فجعل خاتمة كلية أجمل فيها ما فصل وإنما قال ليس البر العظيم لأنّ ما يكثر الخوض فيه يكون لا محالة عظيم الشأن ولأنه في نفسه بر وكذلك الجدال فيه بالحق فبقي كونه براً بالنسبة إلى هذه الأنواع التي هي أصول وذلك من توابعها كذا في الكشف، وقال النحرير: على الأول حمل البرّ على إطلاقه والخبر أعني أن تولوا على تقدير في لأنهم لم يزعموا أنّ جنس البر ذلك بل فيه فنفى وعلى الثاني حمل البرّ على الكامل الذي كأنه البر كله والخبر على تقدير مضاف أي أمر البرّ أن توتوا والبحث عن ذلك والنزاع فيه وحينئذ لا يصح نفي البرّ بالكلية فتعين الحمل على الكامل اهـ. ومنه يعلم إقحام المصنف رحمه الله لفظ أمر وتوصيفه البر بالعظيم لكن في قوله مقصوراً بأمر القبلة قصور بحسب الظاهر إذ كانت حقه أن يقول على أمر القبلة وكأنه لاحظ أنه مقصور على البرّ بأمر الفبلة. قوله: (ولكن البرّ الذي ينبغي أن يهتنم به الخ) إشارة إلى الوجوه الثلاث الجارية في مثله من التقدير في الأوّل أو الثاني أو جعله عين البر مبالغة على حد:

فإنما هي إقبال وادبار

وإليه أشار بقوله ولكن البار لكنه إشارة إلى أنّ التجوّز في الظرف لا في الإسناد وقوله:

أوفق أي لقوله ليس البرّ وأحسن إذ سابقية القرينة أولى من لاحقيتها، ولأنه تقدير في وقت الحاجة لا قبلها ولأنّ المقصود بيان البرّ لا ذية ومراده أنه أحسن من التقدير الثاني لأنّ الأخير

أبلغ وقوله: والمراد بالكتاب الخ هذا دليل على ما يراد به في قوله اختلفوا في الكتاب ليتلاءم أجزاء الكلام وأمّا احتمال أن يراد به التوراة لأنّ الإيمان به يوجب الإيمان بغيره فبعيد. قوله:) أي على حبّ المال الخ) أي في الاحتياج إليه أو في صحته لأنه بالمرض يزهد فيه، ويؤيده الحديث المذكور وهو حديث رواه الشيخان وتمامه: " وتأمل الغني ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان " كذا لكن لفظه: أن تصذّق بدل أن تؤتيه وعلى في الوجه الأخير للتعليل والمراد مخلصاً وقوله المحاويج يعني الفقراء جمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015