الكلام فيه. قوله.) إمّا قي الحال الخ (المأكول هنا هو الرشا التي أخذوها في مقابلة ما بذلوه وأكلها مجاز عن أخذها والنار مجاز عنها من إطلاق المسبب على السبب عكس ما في البيت فالمراد بالتلبس ملابسة السببية لا أنه إسناد مجازفي. قوله: (كلت دماً الخ) هو لأعرابي تزوّج امرأة فلم توافقه فقيل له: إنّ حمى دمشق تهلك النساء سريعا فحملها إليها وقال:
دمشق خذيها واعلمي أن ليلة تمزبعودي نعشها ليلة القدر
أما لك عمر إنما أنت حية إذا هي لم تقتل تعش آخرالدهر
ثلاثين حولاً لا أرى منك راحة لهنك في الدنيا لباقية العمر
أكلت دما إن لم أرعك بضرّة بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
قال التبريزي: أجود الوجوه في معناه أنه يدعو على نفسه بأن يقتل له قتيل فيأخذ ديته،
ويجوز أن يكون المراد بأصابني جدب وحاجة لأنهم كانوا يأكلون الدم في القحط أو يعني بالدم دم الحية وهو سمّ فلا شاهد فيه وأرعك بمعنى أخوّفك والمراد أسوءك وبعيدة مهوى القرط وهو الحلقة في الأذن كناية عن طول العنق، وقيل الأحسن طول القامة وقوله أو في المآل معطوف على في الحال وأكل النار عبارة عن إحراب باطنهم والا فهي لا تؤكل حقيقة. قوله: (ومعنى في بطونهم الخ الا يخفى أن البطن ليست ظرفاً للأكل بل للمأكول لأنّ الأكل المضغ أو التغذي لكن يذكر معه للذلالة على أنه ملؤوه وإذا قيل في بعض بطنه فالظاهر ما دون الملء ففي كلام المصنف رحمه الله تأمّل. وقيل: إنه بيان لحاصل المعنى وأمّا التحقيق فهو أنه جعل البطن بتمامه محل الأكل بمنزلة ما لو قيل: جعل الأكل في البطن فهو ظرف متعلق بيأكل لا حال مقدرة على ما في تفسير الكواشي) أقول) قال أبو البقاء: الأجود أن تكون حالاً مقدّرة لأنها وقت الأكل ليست في بطونهم وإنما يؤول إلى ذلك والتقدير ثابتة في بطونهم لكن فيه تقدم الحال على الاستثناء وهو ضعيف. قوله:) كلوا في بعض بطنكمو تعفوا) تمامه:
فإن زمانكم زمن خميص
أي تعفوا عن السؤال. قوله: (عبارة عن غضبه الخ الما كان الله يسألهم حمل الكلام
على الكلام بما يسرهم فيكون مخصوصا بقرينة المقام ولم يرتضه المصنف رحمه الله وجعله عبارة عن غضبه على طريق الكناية، وكذا قوله وتعريض بحرمانهم لأنّ التعريض نوع من أنواع الكناية وهو مبنيئ على أن سؤال القيامة لهم من الله وقيل: إنه ليس كذلك بل بواسطة الملائكة عليهم الصلاة والسلام وحمل التزكية على الثناء لأنها لازم معناه، وقوله: أليم بمعنى مؤلم مرّ ما فيه ومعنى اشتراء الهدى بالضلال استبداله، وقوله: بكتمان متعلق بهما. قوله: (تعجب من حالهم الخ) اختلف في ما أفعل في التعجب فذهب الجمهور إلى أنّ ما نكرة تامّة ومعناها التعجب فمعنى ما أحسن زيداً شيء صير زيداً حسناً وذهب الفرّاء إلى أنّ ما استفهامية ضمنت
معنى التعجب نحو كيف تكفرون بالله وذهب الأخفش إلى أنها موصولة وفي قول له إنها نكرة موصوفة وعلى هذه الأقوال هي في محل رفع على الابتداء والجملة خبرها أو خبرها محذوف إن كانت صفة أو صلة، وبقية الكلام فيه مبسوط في النحو ثم إنّ التعجب هنا راجع إلى العباد وأنّ حالهم حقيق بأن يتعجب منها لأنّ التعجب منشأه الجهل بالسبب وهو في نفسه انفعال فلا يجوز عليه تعالى من وجهين، ثم إنّ الصبر هنا مجاز عن الجراءة على أسباب العقوبة وهو من بليغ الكلام، قال الراغب: قال أبو عبيد إنّ ذلك لغة بمعنى الجراءة واحتج بقول أعرابيّ قال لخصمه ما أصبرك على الله وهذا تصوّر مجاز بصورة حقيقة لأنّ ذاك معناه ما أصبرك على عذاب الله في تقديرك إذا اجترأت على ارتكاب ذلك والى ذلك يعود قول من قال ما أبقاهم على النار وقول من قال ما أعلمهم بعمل أهل النار، ويصح أن يكون استعارة تمثيلية وقوله: كتخصيص! قولهم الخ يعني قصد التعجب لأنه من المخصصات كالاستفهام أو لأنه موصوف تقديراً وان كانت موصولة أو موصوفة فهو ظاهر وبقية الأقوال واضحة وكلها بناء على التعجب، وجوّز فيه وجه آخر وهو