ليست بمعناها الحقيقيّ الذي هو ضد الإعوجاج، فهي مجاز عن المناسبة ولفظ يقال مباين لتقول لا ملازم له وقوله كل موضع يصح إلخ ممنوع لأنه يصح كل إنسان ناطق دون كل حيوان، " والجواب أنّ ذكر أستقبلته بضمير الخطاب لرعاية التفسير بإذا للجملة الفعلية قاعدة، ولا يلزم مناسبة ما تقدم من الفعل له، وعلى تقدير التسليم يقال هو التفات على مذهب اهـ وفيه نظر لا يخفى، والذي في شرح الفاضلين أنّ حق العبارة تقول لما مرّ من القاعدة في التفسير بأي واذا، فإنه إذا فسر بأي وجب أن يتطابقا في الإسناد إلى المتكلم وجاز في الصدر تقول ويقال: وإذا جيء بإذا، فالواجب أن يكون الشرط، وتقول بصيغة الخطاب أي إذا استقبلته تقول لقيته ولا يصح يقال: إلا بتعسف، وهو بتقدير كون القائل نفس المخاطب، وهو قلق جداً وقد قيل عليه أنه إنما يتوجه إذا ضم تاء لقيته ولاقيته، وليس بمتعين لجواز فتحها وكونه بصيغة الخطاب دون التكلم، ولا تكلف في قولك إذا استقبلته فقد لاقيته إلا أنه قيل إنّ الرواية، وصحيح النسخ على ضم تائه.

(أقول) هذا سهل استصعبوه، ولا مانع مما منعوه، فإنّ الخطاب هنا فرضيّ لغير معين،

، فهو في معنى الغائب والمتعدّد كما سمعتة في نحو قوله تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12] فإذا قيل: يقال لقيته إذا استقبلته على أنّ المراد من يقال تقول وبني للمجهول إشارة إلى أنه، وان تعين بحسب الظاهر في الحقيقة غير متعين جاز، ودعوى القلاقة والتعسف فيه غير مسلمة، ولما كان الشرط والجزاء متغايرين تغاير السبب والمسبب جعلوا االقول جوابا دون المقول لإيجاد. به! مع عدم صحة إذا استقبلته أنت يقول غيرك لقيته ألا فإذا فتحت صح بتقدير إذا استقبلته يقول غيرك أنك لقيته أنت، وفي قول الزمخشريّ: يقال لقيته ولاقيته إشارة إلى أنّ المفاعلة فيه لأصل الفعل. قوله: (بحيث يلقى) قال الراغب: الإلقاء طرح الشيء بحيث يلقى، ثم صار في التعارف اسماً لكل طرح قال تعالى {أَلْقِهَا يَا مُوسَى} [طه: 9 ا] فأصله جعل الشيء ملقى مقابلا بحيث يجده ويستقبله الملقى له وهو حينئذ حقيقة فإذا استعمل لمطلق الطرح كان مجازاً مرسلاَ لكه صار حقيقة في عرف اللغة وعليه استعمأل الفصحاء وهمزته للصيرورة وهي المراد من الجعل في عبارة المصنف رحمه الله لا للتعدية لتعديه قبلها وبعدها لواحد. قوله: (من خلوت بفلان وإليه إلخ) ذكر وجوها في خلا كما ذهب إليه عامّة أهل اللغة، وفي الأساس خلا المكان خلاء وخلا من أهله وعن أهله، وخلوت بفلان واليه ومعه خلوة وخلا بنفسه انفرد، وقال الراغب: الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء ومساكن وغيرهما، والخلو يستعمل في الزمان والمكان، لكن لما تصوّر في الزمان المضيّ فسر أهل اللغة خلا الزمان بمضى وذهب وخلا فلان بفلان صار معه في خلاء، وخلا إليه في خلوة اهـ والحاصل أنّ أصل معناه الحقيقي فراغ المكان، والحيز عن شاغل وكذا الزمان وليس بمعنى مضى، فإذا أريد به ذلك فمجاز عند الراغب وظاهر كلام غيره أنه حقيقة، وهو غير متعد بالمعنى المشهور، فإنّ التعدية لها معنيان كما قاله ابن الحاجب رحمه الله في الإيضاح أحدهما أن لا يعقل معنى الفعل، وما أشبهه إلا بمتعلقه لأنه من المعاني النسبية، فكل معنى نسبي لا يعقل إلا بما هو منسوب إليه فهو المتعدّي، وغير المتعدي ما لا يتوقف تعقله على متعلق له والثاني كل جارّ تعلق بفعل، فإنه يقال له متعد بذلك الحرف، وإن لم يكن نسبته ولا بمعنى التصيير كما يقال خلا المكان من كذا وعن كذا، وقد يتعدّى هذا بالباء أو بإلى كما صرّحوا به هنا، وهو بمعنى انفرد معه أو اجتمع معه كما في الصحاح وليس قولهم معه للإشارة إلى أنّ إلى بمعنى مع، كما قالوه في قوله تعالى {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} [أك! عمران: 52] وكذا قول. الراغب في خلا إليه: إنه بمعنى المضي إليه ليس إشارة إلى التضمين الآتي. قوله: (أو من خلاك دمّ إلخ) قال الرضي: خلا في الأصل لازم يتعدّى إلى المفعول بمن نحو خلت الدار من الأنيس، وقد يتضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كقولهم: افعل هذا وخلاك ذم، وألزموها هذا التضمن في باب الإستثناء اهـ. وفي شرح الفصيح قال أبو عبيد: قولهم افعل هذا

وخلاك ذمّ مثل لقصير بن سعد اللخمي، قاله لعمرو بن عدي حين أمره أن يطلب الزباء بثأر خاله جذيمة بن مالك فقال: أخاف أن لا أقدر عليها فقال له اطلب الأمر، وخلاك ذمّ فذهب مثلاَ أي إنما عليك أن تجتهد في الطلب، وإن لم تقض الحاجة، فتعذر ولا تذم، ومبلغ نفس عذرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015