محسوسة، فيحتاج إلى فكر ودقة نظر، فلهذا فصلت آية الإيمان بلا يعلمون والفساد الدنيويّ محسوس مشاهد، أو منزل منزلته، فلذا فصلت آيته بلا يشعرون وجعل وجها مستقلاً، وهذا وجها آخر والزمخشريّ جعلهما وجهاً واحدا، فلذا قيل إنّ كلامه مي أنّ التلباق مراعاة النظير، ولو جعل العطف في كلام المصنف تفسيريا عاد إليه لكنه لظاهر، وذهب الراغب كما أشرنا إليه أوّلا إلى أنّ أصل الشعور إدراك المشاعر وهي س الظاهرة، ونفيه أبلغ من نفي العلم، ثم إنه شاع بعد ذلك في الإدراك وقد يخص منه، كما قالوا: فلان نسق الشعر إذا دقق النظر، فالشعور يستعمل بمعنى الإحساس، الإدراك وبمعنى الفطنة، فقوله أوّلا وما يشعرون نفي للإحساس وثانياً لنفي الفطنة
ح معرفة الصلاح والفساد لها، ثم نفي عنهم العلم تنبيها على نكتة دقيقة، وهي انّ في لهم الخديعة نهاية الجهل الدالة على عدم الحس، ثم قال: إ أ! م لا يفطنون تنبيها على أنّ زم لهم لأنّ من لا جس له لا فطنة له، ثم قال: لا يعلمون تنبيها على أنّ ذلك لازم،
لا فطنة له لا علم له، ثم أنه قرن ذلك بأداة الاستدراك المعطوفة، وقد تستعمل بدون والفرق بينهما دقيق لدفع ما يتوهم من أنهم يعلمون بما هم عليه، ولكنهم يتجاهلون!! دبر. قوله: (بيان لمعاملتهم إلخ (دفع لما توهم من أنّ هذا مكرّر مع ما مرّ في أوّل وليس منه في شيء لأنّ الأوّل لبيان معتقدهم، وادّعائهم حيازة الإيمان من قطريه،
منه في شيء، والثاني لبيان سلوكهم مع المؤمنين ومع شيعتهم، وهما أمران مختلفان، يكن هذا لم يلزم تكرار أيضا، لأنّ المعنى ومن الناس من يتفوّه بالإيمان نفاقا للخداع، لتفوّ. عند لقاء المؤمنين، وليس هذا بتكرار لما فيه من التقييد وزيادة البيان وأنهم ضموا لحداع الاستهزاء، وأنهم لا يتفوّهون بذلك إلا عند الحاجة، وقد قيل أيضاً إنّ المراد آمنا أوّلاً الإخبار عن أحداث الإيمان، وهنا عن احداث إخلاص الإيمان وهذا ما ارتضاه وأيده بأنّ الإقرار اللساني كان معلوما منهم غير محتاج للبيان، وإنما المشكوك ص القلبي، فيجب إرادته هنا، وقولهم للمؤمنين يقتضي ما يظهرونه لشياطينهم من د! م الصادر عن صميم القلب، فيجب أن يريدوا بما ذكروه للمؤمنين التصمديق القلبي أيضا، بعضهم كلام المصنف رحمه الله عليه، وقال: إنه لا ينافيه ما سيأتي من أنهم قصدوا
بآمنا أحداث الإيمان، لأنّ النراد به الإيمان على وجه الإخلاص، ولا يخفى أنّ كلامه مناد على خلافه لمن له أدنى بصيرة فتدبر. قوله: (روي أنّ ابن أفى إلخ) هذا سبب نزول هذه الآية، وقد أخرجه الواحديّ رحمه الله، وروي أنّ عليا رضي الله عته قال له: يا عبد الله اتق الله ولا تنافق فإنّ المنافقين شرّ خلق الله فقال له: مهلاَ يا أبا الحسن أنى تقول هذا والله إنّ إيماننا كإيمانكم وتصديقنا كتصديقكم، ثم افترقا فقال ابن أبيّ لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت، فإذا رأيتموهم، فافعلوا مثل ما فعلت، فاثنوا عليه خيراً وقالوا: ما نزال بخير ما عشت فينا فرجع المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية (1) وقال ابن حجر: إنّ هذا الحديث منكر وذكر إسناده، ثم قال هو سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب وآثار الوضع عليه لائحة ومما يدلّ على ذلك أنّ سورة البقرة نزلت أوّل ما قدم النبيّ صلّى الله عليه وسغ المدينة على ما صححه المحدّثون وعليّ رضي الله عنه إنما تزوّج فاطمة رضي الله عنها في السنة الثانية من الهجرة فكيف يدعوه ختنا، فإن قلت: ليس فيما ذكر من سبب النزول أنهم قالوا آمنا قلت: سبب النزول أمر مناسب تنزل الآية عقبه، ولا يخفى مناسبته مع ما فيه من إظهار الاستهزاء، وابن أبيّ رأس المنافقين، وهم أصحابه واسمه عبد الله. قوله: (انظروا كيف أرذ إلخ) كأنهم كانوا جاؤوا بجمعهم لينصحوهم أو ليردوا دبيب عقارب بغضائهم وقوله بالصديق سيد بني تيم الصديق صيغة مبالغة من الصدق لقب به في الجاهلية، لأنه كان معروفاً بالصدق، وقيل في الإسلام لما صدق النبيّ عليه الصلاة والسلام في قصة الإسراء، واسمه عبد الذ بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤقي بن غالمث القرشي التيمي، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرّة فتيم جدّ. الأعلى وبه سمي البطن من قريش الذي ينسب إليه، فلذا قال له سيد بني تيم، وما وقع في