[934] وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمِثْلِ أَيْ يَتَصَوَّرُ وَاللَّامُ فِي الْمَلَكِ للْعهد أَي جِبْرِيل وَصرح بِهِ رِوَايَة بن سَعْدٍ وَرَجُلًا مَنْصُوبٌ نَصْبَ الْمَصْدَرِ أَيْ مِثْلَ رَجُلٍ أَوِ الْحَالِ أَيْ هَيْئَةَ رَجُلٍ أَوِ التَّمْيِيزِ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمَلَائِكَةُ أَجْسَامٌ عُلْوِيَّةٌ لَطِيفَةٌ تَتَشَكَّلُ أَيْ شَكْلٍ أَرَادُوا وَقَدْ سَأَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الصِّقِلّيُّ إِمَامَ الْحَرَمَيْنِ حِينَ اجْتَمَعَ بِهِ بِمَكَّةَ عَنْ هَذِهِ وَكَيْفَ كَانَ جِبْرِيلُ يَجِيءُ مَرَّةً فِي صُورَةِ دِحْيَةَ وَجَاءَ مَرَّةً فِي هَيْئَةِ رَجُلٍ شَدِيدِ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدِ سَوَادِ الشَّعْرِ وَصُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ وَلَهُ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ وَكُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا يَسُدُّ الْأُفُقَ فَقَالَ مِنْ قَائِلٍ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُفْنِي الزَّائِدَ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمِنْ قَائِلٍ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ تَمْثِيلٌ فِي عَيْنِ الرَّائِي لَا فِي جِسْمِ جِبْرِيلَ وَهُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ قَوْلُهُ يَتَمَثَّلُ قَالَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عِبَارَةٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ الْمَلَكِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَمَلَكٌ لَا يَتَغَيَّرُ بِالصُّوَرِ وَالْقَوَالِبِ كَمَا أَنَّ حَقِيقَتَنَا لَا تَتَغَيَّرُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجِسْمَ يَتَغَيَّرُ وَيَفْنَى مَعَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَا تَتَغَيَّرُ كَمَا أَنَّهَا فِي الْجَنَّةِ تُرَكَّبُ عَلَى أَجْسَامٍ لَطِيفَةٍ نُورَانِيَّةٍ مَلَكِيَّةٍ تَنْعَكِسُ الْأَبْدَانُ الْآدَمِيَّةُ الْكَثِيفَةُ هُنَاكَ إِلَى عَالَمِ الْكَمَالِ الْجُسْمَانِيِّ عَلَى نَحْوِ الْأَجْسَامِ الْمَلَكِيَّةِ الْآنَ فَحَقِيقَةُ جِبْرِيلَ كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْعُولَةً فِي أَيِّ قَالِبٍ كَانَ قُلْتُ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَجِيئِهِ وَسُؤَالِهِ عَنِ الْإِيمَانِ مَا جَاءَنِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذِهِ الْمَرَّةَ ثُمَّ قَالَ وَمِنْ هَذَا فُهِمَ السِّرُّ الْمُودَعُ فِي عَصَا مُوسَى كَيْفَ كَانَتْ تَارَةً ثُعْبَانًا فَاتِحًا فَاهُ وَأُخْرَى شَمْعَةً وَمَرَّةً شَجَرَةً صُورَتُهَا مُثْمِرَةٌ وَأُخْرَى سَمِيرًا يُحَادِثُهُ إِذَا اسْتَوْحَشَ فَتَارَةً عُودٌ وَأُخْرَى ذُو رُوحٍ وَانْحَطَّتْ مَرَّةً عَلَى فِرْعَوْنَ وَجَعَلَتْ تَقُولُ يَا مُوسَى مُرْنِي بِمَا شِئْتَ وَيَقُولُ فِرْعَوْنُ أَسْأَلُكَ بِاَلَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَّا أَخَذْتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَتَعُودُ عَصَا وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يَنْحَصِرُ الْحَالُ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي هُوَ جِبْرِيلُ بِشَكْلِهِ الْأَصْلِيِّ إِلَّا أَنَّهُ انْضَمَّ فَصَارَ عَلَى قَدْرِ هَيْئَةِ الرَّجُلِ وَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ عَادَ إِلَى هَيْئَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقُطْنُ إِذَا