عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ لَا يُدْرَكُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَالْجَرَسُ الْجُلْجُلُ الَّذِي يعلق فِي رُؤُوس الدَّوَابِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ شَبَّهَ الْمَحْمُودَ بِالْمَذْمُومِ فَإِنَّ صَوْتَ الْجَرَسِ مَذْمُومٌ لِصِحَّةِ النَّهْي عَنْهُ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي التَّشْبِيهِ تَسَاوِي الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي كُلِّ صِفَاتِهِ بَلْ يَكْفِي اشْتِرَاكُهُمَا فِي صِفَةٍ مَا وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ الْحِسِّ فَذَكَرَ مَا أَلِفَ السَّامِعُونَ سَمَاعه تَقْرِيبًا لأفهمامهم وَأُخِذَ مِنْ هَذَا جَوَازُ تَشْبِيهِ الشُّعَرَاءِ رِيقَ الْمَحْبُوبَةِ وَنَحْوِهِ بِالْخَمْرِ وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ كَعْبٍ كَأَنَّهُ مَنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ وَقَدْ أَنْشَدَهُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ صَوْتُ حَفِيفِ أَجْنِحَةِ الْمَلَكِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يُفَرِّغَ سَمْعَهُ لِلْوَحْيِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ الْعَظِيمَ لَهُ مُقَدِّمَاتٌ تُؤْذِنُ بِتَعْظِيمِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِ لِيَسْتَجْمِعَ قَلْبَهُ فَيَكُونُ أَوْعَى لِمَا سَمِعَ وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَةُ وَعِيدٍ أَوْ تَهْدِيدٍ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَةِ الزُّلْفَى وَالدَّرَجَاتِ فَيَفْصِمُ عَنِّي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَقْطَعُ وَيَنْجَلِي مَا يَغْشَانِي وَيُرَوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَأَصْلُ الْفَصْمِ الْقَطْعُ وَقِيلَ الْفَصْمُ بِالْفَاءِ الْقَطْعُ بِلَا إِبَانَةٍ وَبِالْقَافِ الْقَطْعُ بِإِبَانَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015