فيكون من أدق العلوم سرا (ويكشف عن وجوه الإعجاز فى نظم القرآن أستارها) ...

===

(قوله: فيكون من أدق العلوم سرا) أى: فيكون من طائفة أدق العلوم سرّا، وفيه أن هذا التفريع مشكل؛ لأن دقة المعلوم تستلزم دقة العلم لا أدقيته، فالمناسب أن يبدل" أدق" فى التفريع ب" دقائق"، وأجيب: بأن قوله: " فيكون" مفرع على محذوف فى كلام المصنف، والأصل: ودقائق العربية من أدق الدقائق فيكون ... إلخ؛ وذلك لأن ما يعرف به أدق الدقائق لا يكون إلا أدق؛ لأن أدقية المعلوم تستلزم أدقية الطريق الموصّل إليه، وأجاب القرمى بأن اختصاص معرفة دقائق العربية وأسرارها- مع كثرتها على ما يشعر بها صيغة الجمع بهذا الفن- يوجب عدم معرفتها بما سواه، وأن ما سواه وإن كان لا يخلو عن إفادتها إلا أنه أدنى مرتبة فى إفادة معرفة تلك الدقائق، وحينئذ فيكون هذا العلم من أدق العلوم سرّا، كما لا يخفى وتأمله. ثم اعلم أن هذا الإشكال إنما يرد على جعل قوله: " وأسرارها" عطف تفسير على الدقائق، وأن ضمير أسرارها للعربية، وأما على جعل الضمير للدقائق، وأن المعنى: أسرار الدقائق أى: دقائق الدقائق فلا يرد؛ وذلك لأن دقائق الدقائق عبارة عما هو أدق وأخفى، فيكون تقدير الكلام: إذ به تعرف المعلومات الدقيقة والمعلومات التى هى أدق، ومن المعلوم أن أدقية المعلوم تستلزم أدقية الطريق الموصلة إليه، وحينئذ فيكون علم البلاغة وتوابعها من أدق العلوم سرّا، واستقام أمر التفريع من غير احتياج لشىء مطوى فى كلام المصنف.

(قوله: ويكشف عن وجوه الإعجاز) أى: عن أنواع البلاغة، وطرقها المشتمل عليها القرآن التى هى سبب فى إعجازه، أى كونه معجزا، بحيث لا يمكن معارضته والإتيان بمثله، والمراد بتلك الطرق خواص التراكيب.

(قوله: فى نظم القرآن) حال من" وجوه الإعجاز" أو من" الإعجاز"؛ لصحة إقامة المضاف إليه مقام المضاف بأن يقال: وبه يكشف عن الإعجاز فى نظم القرآن، فهو مثل قوله تعالى: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015