ولم يتعرض للمنعم به إيهاما لقصور العبارة عن الإحاطة به، ولئلا يتوهم اختصاصه بشىء دون شىء ...
===
دليل يعتد به؛ ولأن الرفع والنصب على المدح، وإن كانا لطيفين فى أنفسهما لكنه لا لطف فى بيان ما علم بما لم نعلم.
(قوله: ولم يتعرض للمنعم به) أى: كلّا أو بعضا تفصيلا أو إجمالا؛ لأن أقسام التعرض للمنعم به أربعة: الأول: أن يكون بذكر جميع الجزئيات تفصيلا بأن يقال: الحمد لله على السمع والبصر إلى آخر النعم، الثاني: أن يكون بذكرها إجمالا بأن يقال: الحمد لله على جميع النعم، الثالث: أن يكون بذكر بعضها تفصيلا بأن يقال: الحمد لله على العلم، الرابع: أن يكون بذكر بعضها إجمالا بأن يقال: الحمد لله على بعض النعم.
(قوله: إيهاما لقصور العبارة ... إلخ) أى لأجل أن يتوهم السامع قصور العبارة عن الإحاطة بالمنعم به على جميع الاحتمالات، وإن كانت العبارة فى الواقع لا تقصر إلا عن القسم الأول، ولذلك عبر بالإيهام، ويصح أن يراد بالإيهام الإيقاع فى الوهم أى:
الذهن، ولو على سبيل الجزم، وليس المراد بالإيهام التوهم، وهو الطرف المرجوح، والمعنى حينئذ: لأجل أن يوقع فى وهم السامع وفى ذهنه أن العبارة قاصرة لا تحيط بالمنعم به أعم من أن يكون الإيقاع على سبيل الجزم كما فى القسم الأول أولا كما فى بقية الأقسام فاندفع ما يقال: إن التعرض للمنعم به كلا على سبيل التفصيل تقصر عنه العبارة قطعا فلا وجه للتعبير بالإيهام، وحينئذ فالأولى إسقاطه.
(قوله: ولئلا يتوهم اختصاصه) أى: المنعم به أى: إنه لو اقتصر فى حمده على بعض المنعم إجمالا أو تفصيلا لتوهم أن المنعم به مختص بهذا البعض، ويصح رجوع ضمير اختصاصه لحمد الله، وعلى كل حال، فقوله: " ولئلا يتوهم ... إلخ" علة لعدم التعرض لبعضه إجمالا وتفصيلا، ويصح أيضا أن يكون علة لعدم التعرض للمنعم به كلا إجمالا كما قال الخطابى من حيث إنه يمكن أن يراد بالعموم الخصوص إذ كثر استعمال العام فى الخاص، ولا يقال: إن هذا يعكر علينا فى العموم المأخوذ من الحذف إذ لا فرق، فلا