والتحقيق أن المراد: ما لكم لا تعبدون، لكن لما عبر عنهم بطريق التكلم كان مقتضى ظاهر السوق إجراء باقى الكلام على ذلك الطريق فعدل عنه إلى طريق الخطاب فيكون التفاتا على المذهبين (و) مثال الالتفات من التكلم (إلى الغيبة:
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (?)) ومقتضى الظاهر: لنا (و) مثال الالتفات (من الخطاب إلى التكلم) ...
===
بالسكاكى بل فى قوله وما لى التفات عند الجمهور أيضا إذ قد سبق طريق الخطاب فى قوله اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً (?) وأما على خلاف التحقيق ففى الكلام التفات واحد على المذهبين فى قوله وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
(قوله: أن المراد ما لكم لا تعبدون) أى: لأن المتكلم حبيب النجار وهو من المؤمنين فالعبادة حاصلة منه بالفعل إلا أنه أقام نفسه مقام المخاطبين فنسب ترك العبادة إلى نفسه تعريضا بالمخاطبين إشارة إلى أنه لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه وأن ما يلزمهم فى ترك العبادة يلزمه فى جملتهم على تقدير تركه لها وهو من الملاطفة فى الخطاب فالفائدة المختصة بموقع هذا الالتفات التعريض والإعلام بأن المراد المخاطبون من أول الكلام ثم إن كون الكلام من باب التعريض بالمخاطبين لا ينافى الالتفات إذ لا يشترط فيه التعبير بالمطابقة بل يصح باللزوم أيضا كما فى التعريض، والتعريض عند المصنف والشارح، إما مجاز أو كناية وهاهنا مجاز لامتناع إرادة الموضوع له فيكون اللفظ مستعملا فى غير ما وضع له فيكون المعبر عنه فى الأسلوبين واحدا نعم على ما حققه العلامة السيد من أن المعنى التعريض من مستتبعات التركيب واللفظ ليس بمستعمل فيه بل اللفظ بالنسبة إلى المعنى المستعمل فيه إما حقيقة أو مجاز أو كناية يرد أن اللفظ ليس مستعملا فى المخاطبين فلا يكون المعنى المعبر عنه فى الأسلوبين واحدا فلا التفات أفاده عبد الحكيم
(قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) أى: الخير الكثير أو نهرا فى الجنة يسمى بالكوثر
(قوله: ومقتضى الظاهر لنا) أى: لإنّا أعطيناك تكلم، وقوله: لِرَبِّكَ غيبة لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة كما مر وفائدة الالتفات فى الآية أن فى لفظ الرب حثّا على فعل