أو لا يكون ثم مشار إليه أصلا (أو النداء على كمال بلادته) أى: بلادة السامع بأنه لا يدرك غير المحسوس (أو) على كمال (فطانته) بأن غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس ...

===

(قوله: أو لا يكون إلخ) هذا مقابل لمحذوف والأصل سواء كان ثم مشار إليه محسوس أو لم يكن مشار إليه أصلا أى محسوس فالمنفى المشار إليه المحسوس لا المشار إليه مطلقا كما إذا قال لك الأعمى من ضربنى فقلت له هذا ضربك مشيرا للخلاء مثلا استهزاء به مكان هو زيد لتقدم المرجع فى السؤال كذا قرر بعض الأشياخ وقرر شيخنا العدوى أن قوله أو لا يكون مقابل لقوله فاقد البصر أى أو لم يكن فاقد البصر لكن لم يكن ثم مشار إليه أصلا يعنى محسوس كما إذا قال لك البصير من ضربنى فقلت هذا ضربك مشيرا لأمر عدمى كالخلاء وإنما كان التعبير باسم الإشارة مفيدا للتهكم والاستهزاء لأن الإشارة إلى الأمر العدمى بما يشار به إلى المحسوس مما يدل على عدم الاعتناء بذلك الشخص وقد علم من هذا أن كون المشار إليه غير حاضر حسا لا يمنع من كون المقام مقام إضمار لتقدم المرجع فى السؤال وبهذا اندفع ما يقال إذا لم يكن ثم مشار إليه أصلا لم يكن هناك مرجع للضمير فلا يكون المقام للضمير لتوقفه على المرجع فلا يصح جعل ذلك من وضع الظاهر موضع المضمر

(قوله: أصلا) تمييز محول عن اسم كان أى: أو لا يكون أصل المشار إليه ثمة

(قوله: أو النداء) عطف على التهكم أى يوضع اسم الإشارة موضع المضمر لأجل النداء أى الإعلام والتنبيه على بلادة السامع وذلك لأن فى اسم الإشارة الذى أصله أن يكون لمحسوس إيماء إلى أن السامع لا يدرك إلا المحسوس فإذا قال قائل: من عالم البلد، مثلا؟ فقيل له: ذلك زيد، كان ذلك القول مكان هو زيد لأن المحل للضمير لتقدم المرجع فالإتيان باسم الإشارة خلاف مقتضى الظاهر وعدل لذلك الخلاف إيماء إلى كمال بلادة ذلك السائل

(قوله: أو على كمال فطانته) أى: السامع وحاصله أن المتكلم يستعمل اسم الإشارة الذى أصله المحسوس فى المعنى الغامض الخفى إيماء إلى أن السامع لذكائه صارت المعقولات عنده كالمحسوسات وذلك كقول المدرس بعد تقرير مسألة غامضة وهذه عند فلان ظاهرة مدحا له وتعريضا بغيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015