فمورد الحمد لا يكون إلا باللسان، ومتعلقه يكون النعمة وغيرها، ومتعلق الشكر لا يكون إلا النعمة، ومورده يكون اللسان وغيره، ...

===

والأجرة.

(قوله: فمورد ... إلخ) " الفاء" واقعة فى جواب شرط مقدر أى إذا علمت تعريف كل من الحمد والشكر، وأردت معرفة مورد كل منهما ومتعلقه فمورد ... إلخ، واعترض التعبير بالمورد لاقتضائه صدور الحمد من شيء قبل ثم ورد على اللسان بعد، إذ مورد الشيء ما يرد عليه ألا ترى أن الحيوان إذا أخرجته من بيتك للحوض مثلا فالحوض يقال له: مورد، والبيت مصدر مع أن الحمد إنما صدر من اللسان فالأولى أن يقول: فمصدر الحمد، وأجيب بأن مراده بالمورد المصدر أى ما ورد منه الحمد لا ما ورد عليه، واختار التعبير عن المصدر بالمورد؛ لأن الثناء لما كان لا يعتد به فى كونه حمدا إلا إذا كان مصاحبا لقصد التعظيم، صار كأنه صادر من القلب ووارد على اللسان ففى التعبير بالمورد إشارة إلى أنه لا يعتد بالحمد إلا إذا كان صادرا من القلب بأن يكون قصد به التعظيم وواردا على اللسان لا إن قصد به الهزء والسخرية أو لم يقصد به شيء

(قوله: ومتعلقه) وهو ما يكون فى مقابلته ويجعل بإزائه وهو المحمود عليه.

(قوله: وغيرها) لكن لا بد أن يكون ذلك الغير فعلا جميلا اختياريا كحسن الخط، وإلا كان مدحا كالثناء فى مقابلة اعتدال القامة وجمال الذات، ومن قول الشارح يكون" النعمة وغيرها" يعلم جواب سؤال، وهو أن الحمد ينقسم إلى مطلق ومقيد؛ فاعترض بأنه كيف يكون مطلقا ليس فى مقابلة شىء مع أن المحمود عليه ركن من أركان الحمد، والماهية تنعدم بانعدام جزئها، وحاصل الجواب أن المراد بالحمد المطلق ما ليس فى مقابلة نعمة، وكونه ليس فى مقابلة نعمة لا ينافى وقوعه فى مقابلة فعل جميل اختيارى غير نعمة، فالحاصل أن الحمد إن وقع فى مقابلة نعمة فهو المقيد، وإن وقع فى مقابلة فعل جميل اختيارى غير نعمة فالمطلق، فالمحمود عليه متحقق فى كل منهما.

(قوله: ومتعلق الشكر ... إلخ) لم يقدم المورد كما قدمه فى الحمد بل قدّم المتعلق لأجل أن يكون بين المتعلقين قرب، ولأجل المناسبة بين متعلق الشكر ومورد الحمد من حيث الخصوص فى كل منهما، فلما بدأ بمورد الحمد ناسب أن يبدأ بمتعلق الشكر؛ لأنه نظيره فى الخصوص.

(قوله: فالحمد ... إلخ) اعترض بأنه لا حاجة لذكر ذلك بعد ما تقدّم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015