وتحقيق ذلك أن الكلام إما أن تكون نسبته بحيث تحصل من اللفظ ويكون اللفظ موجدا لها ...

===

بقى شىء آخر وهو أن المراد بقصد مطابقة النسبة الكلامية للخارجية أن يقصد المتكلم بالكلام حكاية معنى حاصل فى الخارج بدونه، ومؤدى الحكاية هو مؤدى المطابقة، فقولنا: زيد قائم. قصدنا به حكاية ثبوت القيام لزيد فى الواقع، بمعنى أن فى الواقع شيئا هو قيام زيد حكيته بقولك: زيد قائم، بخلاف: اضرب ونحوه من صيغ الإنشاء، فإنه لم يقصد به حكاية شىء، بل المقصود بإحداث مدلوله وهو طلب الضرب وإيجاده بذلك اللفظ بحيث لا يحصل ذلك المعنى بدون اللفظ، فإن قصدت بصيغة الإنشاء المطابقة أى: حكاية ما فى الواقع وهو النسبة الخارجية وهو الطلب القائم بالنفس مثلا كان خبرا مجازا، وصار معنى: اضرب: أنا طالب للضرب، والحاصل أن النسبة التى لها خارج هى التى تكون حاكية عن نسبة أى حالة بين الطرفين فى نفس الأمر ونسب الإنشاء ليست حاكية، بل محضرة ليترتب عليها وجود أو عدم أو معرفة أو تحسر أو نحو ذلك، وحينئذ فالنسب الإنشائية لا خارج لها، ولهذا اختار أرباب حواشى المطول كالفنارى والقرمى وعبد الحكيم رجوع النفى فى كلام المصنف للقيدين كما هو المتبادر منه، وأن النسبة لا محالة موجودة فى الإنشاء دون الخارج ودون قيده، واستدلوا على أنه لو كان له خارج لزم أن يتصور فيه الصدق والكذب؛ لأنهما من لوازم الخارجية، واللازم باطل فكذلك الملزوم.

(قوله: وتحقيق ذلك) أى: الفرق بين الإنشاء والخبر، وقوله أن الكلام: يعنى مطلقا، وحاصله أن للإنشاء أيضا نسبة خارجية تطابقه أو لا تطابقه، والفرق بينه وبين الخبر قصد المطابقة واللامطابقة فى الخبر وعدم قصد ذلك فى الإنشاء، وفى قوله وتحقيق إلخ: إشارة إلى أن ما يقتضيه ظاهر المتن من أن الفرق بينهما أن الخبر له خارج، والإنشاء لا خارج له، كلام ظاهرى خلاف التحقيق، وقد علمت ما فى ذلك التحقيق وأن الحق خلافه

(قوله: بحيث تحصل) الباء للملابسة أى: ملتبسة بحالة، وهى أن تحصل من اللفظ أى: تفهم منه، فالعطف مغاير أو توجد، فالعطف تفسيرى، ومعنى إيجاد اللفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015