قائمة بنفس المتكلم؛ ...

===

يقال له نسبة كلامية باعتبار فهمه من الكلام، وذهنية باعتبار ارتسامه فى الذهن وحضوره فيه، ونسبة خارجية باعتبار حصوله فى نفس الأمر، فالأولى والثانية قائمة بأحد الطرفين، والثانية قائمة بذهن المتكلم، إذا علمت هذا فقول الشارح قائمة إلخ فيه نظر؛ لاقتضائه قيام الكلامية بنفس المتكلم أى: ذهنه، مع أنه ليس كذلك كما علمت، وقد يجاب بأن المراد بقيام النسبة الكلامية بنفس المتكلم إدراكها لها، لا أنها صفة متحققة فيها فهو قيام علم وإدراك، لا قيام تحقق: كقيام البياض بزيد مثلا، وبهذا اندفع أيضا ما يتراءى من التنافى بين قوله: (قائمة بنفس المتكلم) المقتضى لقيامها بنفسه، وقوله (وهى تعلق إلخ)، المقتضى لقيامها بأحد الطرفين، كذا قرر شيخنا العدوى، وهو محصل ما فى الحفيد والذى نقله الفنرى عن الشارح: أن قيام النسبة التى يشتمل عليها الكلام بالذهن من قيام العرض بمحله: كقيام العلم والإرادة بمحالهما وهو النفس، فالقائم بالذهن هو نفس النسبة الكلامية لا علمها فهى صفة موجودة فى ذهن المتكلم وجودا متأصلا كسائر صفات النفس: كالعلم والإرادة، وهذا محمول على أن المراد بالنسبة الكلامية فى الخبر إيقاع التعلق أى إدراك أن ذلك التعلق مطابق للواقع وانتزاعه أى: إدراك أنه غير مطابق للواقع، وأما فى الإنشاء: فالمراد بها الطلب، ولا شك أن الإيقاع والانتزاع والطلب أمور موجودة فى النفس قائمة بها على أنها صفات لها، لا على أنها معقولة لها حاصلة صورتها فيها للقطع بأنه لا يحتاج فى التصديق إلى تصور الإيقاع والانتزاع، وبأن الموجود فى نفس من قال: (اضرب) طلب إيجاد الضرب، لا مجرد تصوره، وهذا لا ينافى ما قرره شيخنا؛ لأن مراد شيخنا بالنسبة الكلامية القائم بالذهن صورتها وظلها التعلق، ومراد الشارح بالنسبة الكلامية القائمة بالنفس بذاتها لا ظلها الطلب والإيقاع والانتزاع، وهو المسمى بالتصديق عند الحكماء، وعلى ما نقل عن الشارح فلا بد من تأويل كلامه هنا أعنى قوله: وهى تعلق أحد الشيئين بالآخر، بأن يقال:

وهى ذو تعلق إلخ، ثم إن دلالة الكلام على النسبة القائمة بالنفس على ما نقل عن الشارح لا يقتضى قيامها بها فى الواقع؛ لأن الدلالة المذكورة وضعية يجوز تخلفها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015