وإن كانت البلاغة تتوقف على غيرهما من العلوم، ثم احتاجوا لمعرفة توابع البلاغة إلى علم آخر فوضعوا لذلك علم البديع؛ وإليه أشار بقوله (وما يعرف به وجوه التحسين علم البديع) ولما كان هذا المختصر فى علم البلاغة وتوابعها انحصر مقصوده فى ثلاثة فنون (وكثير) من الناس من (يسمى الجميع علم البيان وبعضهم يسمى الأول علم المعانى و) يسمى (الأخيرين) يعنى: البيان والبديع (علم البيان، والثلاثة: علم البديع) ...

===

وبالثاني: مخالفة القياس، وبالثالث: الغرابة، لكن المقصود بالذات من البيان تمييز السالم من التعقيد المعنوى من المشتمل عليه الذى تتوقف عليه البلاغة، بخلاف النحو والصرف، فإن المقصود بالذات من الأول: البحث عن اللفظ من حيث الإعراب والبناء، وأما تمييز السالم من ضعف التأليف والتعقيد اللفظى من المشتمل عليهما فهذا ليس مقصودا بالذات من النحو، بل هو أمر عارض له، وكذلك المقصود بالذات من الصرف البحث عن اللفظ من حيث الصحة والإعلال، وأما تمييز الموافق للقياس من المخالف له فهو أمر عارض له، فلما كان المقصود بالذات من البيان تتوقف عليه البلاغة دون المقصود بالذات من غيره، كان البيان أشد تعلقا بها من غيره

(قوله: وإن كانت البلاغة تتوقف على غيرهما من العلوم) أى: من حيث رجوعها إلى تمييز الفصيح من غيره، وإنما كان لهما مزيد اختصاص بالبلاغة مع توقفها من هذه الحيثية على عدة علوم؛ لأن هذين العلمين لا يبحثان إلا على ما يتعلق بالبلاغة

(قوله: لمعرفة البلاغة) اللام للتعليل مقدمة على المعلول لا صلة الاحتياج، وقوله إلى علم آخر: صلة لاحتاجوا أى: ثم احتاجوا لعلم آخر لأجل معرفة إلخ

(قوله: فوضعوا لذلك) أى: لما ذكر من المعرفة

(قوله: وجوه التحسين) أى: الطرق والأمور التى يحصل بها تحصيل الكلام.

(قوله: مقصوده) أى: مقصود مؤلفه، وأن فيه استعارة بالكناية وتخييلا

(قوله: والثلاثة علم البديع) من تتمة الطريقة الثالثة، والحاصل أن الطريقة الأولى: تسمى الفن الأول بعلم المعاني، والثانى بالبيان، والثالث بالبديع، والطريقة الثانية: تسمى الثلاثة بعلم البيان، والطريقة الثالثة: تسمى الأول بالمعاني، والأخيرين: بالبيان، وتسمى الثلاثة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015