علم المعانى، وما يحترز به عن التعقيد المعنوى علم البيان) وسموا هذين العلمين علم البلاغة لمكان مزيد اختصاص لهما بالبلاغة، ...
===
بل عن الخطأ، والجواب: أن فى كلام المصنف حذف مضاف أى: عن متعلق الأول، فقول الشارح أى عن الخطأ: تفسير لذلك المقدر.
(قوله: علم المعاني) إن أريد به القواعد، فالأمر ظاهر، وإن أريد به الملكة أو الإدراك احتيج إلى تقدير مضاف أى: فوضعوا متعلق علم المعاني، وكذا يقال فيما بعده
(قوله: لمكان) مصدر من الكينونة وهى التحقق، والوجود والمزيد مصدر بمعنى الزيادة، والمراد بالاختصاص: التعلق، أى: لوجود زيادة تعلق لهما بالبلاغة، وإنما فسرنا هنا الاختصاص بالتعلق؛ لأن الاختصاص شىء واحد لا يزيد ولا ينقص بخلاف التعلق، وأورد على هذا التعليل أن مرجع البلاغة كما مر شيئان: الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد، وتمييز الفصيح من غيره، والشىء الأول: إنما يكون بعلم المعانى ولا يشاركه فيه غيره من العلوم، فلا يظهر بالنسبة إليه التعبير بمزيد، والشىء الثاني: كما يتوقف على علم البيان يتوقف على اللغة والصرف والنحو، فلا زيادة له عن غيره، وأجيب عن الأول: بأن المراد بقوله: مزيد اختصاص لهما أى: لمجموعهما لا لكل منهما، وعن الثاني: بأن علم البيان المقصود منه بالذات التمييز المذكور بخلاف النحو مثلا، فإنه ليس المقصود منه بالذات ذلك التمييز، بل ذلك حاصل منه تبعا، والمقصود بالذات منه معرفة حال اللفظ إعرابا وبناء، وحاصل ما ذكره الشارح أن البلاغة مرجعها لأمرين:
الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد، والاحتراز عن الأسباب المخلة بالفصاحة، والأول: موقوف على علم المعاني، والثاني: موقوف على اللغة والصرف والنحو والبيان، وحينئذ فالبلاغة متعلق بها علوم خمسة، وهذا بيان لكون التعلق مشتركا إلا أن تعلق مجموع علم المعانى والبيان بها أزيد من تعلق غيرهما؛ وذلك لأن علم المعانى يعرف ما به يطابق الكلام مقتضى الحال، والبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وأما فى البيان: فإنه وإن كان مفاده وثمرته معرفة ما يزول به التعقيد المعنوى، وهو مما يتوقف عليه البلاغة كتوقفها على مفاد النحو والصرف واللغة، فإنه يزول بالأول: ضعف التأليف،