تشوف إلى ما وراءه (كقوله:
بقيت بقاء الدّهر يا كهف أهله ... وهذا دعاء للبريّة شامل (?))
لأن بقاءك سبب لنظام أمرهم وصلاح حالهم ...
===
واعلم أن الانتهاء المؤذن بانتهاء الكلام يسمى براعة مقطع
(قوله: تشوف) أى: انتظار
(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو أبو العلاء المعرى- كذا فى المطول، ونسبه ابن فضل الله لأبى الطيب المتنبى، قال فى معاهد التنصيص ولم أر هذا البيت فى ديوان واحد منهما.
(قوله: يا كهف أهله) أى: يا كهفا يأوى إليه غيره من أهله، والمراد بأهله جنسه بدليل ما بعده، والكهف فى الأصل الغار فى الجبل يؤوى إليه ويلجأ إليه استعير هنا للملجأ
(قوله: وهذا دعاء للبرية شامل) الإشارة لقوله بقيت إلخ، وقد وجه الشارح الشمول بقوله: لأن بقاءك سبب إلخ، وحاصله أنه لما كان بقاؤه سببا لنظام البرية أى:
كونهم فى نعمة وسببا لصلاح حالهم؛ برفع الخلاف فيما بينهم ودفع ظلم بعضهم عن بعض، وتمكن كل واحد من بلوغ مصالحه كان الدعاء ببقائه دعاء بنفع العالم، ومراده بالبرية: الناس وما يتعلق بهم، وإنما آذن هذا الدعاء بانتهاء الكلام؛ لأنه قد تعورف الإتيان بالدعاء فى الآخر، فإذا سمع السامع ذلك لم يتشوف لشىء وراءه، ومثل ذلك قول المتنبى:
قد شرّف الله أرضا أنت ساكنها ... وشرّف الناس إذ سوّاك إنسانا (?)
فإن هذا يقتضى تقرر كل ما مدح به ممدوحه، فعلم أنه قد انتهى كلامه ولم يبق للنفس تشوف لشىء وراءه، وكذا قوله:
فلا حطّت لك الهيجاء سرجا ... ولا ذاقت لك الدّنيا فراقا (?)