خفية (وهى ضربان) الأولى: (مجردة؛ وهى) التورية (التى لا تجامع شيئا مما يلائم) المعنى (القريب؛ نحو: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (?) فإنه أراد ب استوى معناه البعيد وهو استولى ولم يقرن به شىء مما يلائم المعنى القريب الذى هو الاستقرار (و) الثانية (مرشحة) وهى التى تجامع شيئا مما يلائم المعنى القريب (نحو: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ (?) أراد بالأيدى معناها البعيد وهو القدرة وقد قرن بها ما يلائم المعنى القريب الذى هو الجارحة المخصوصة وهو قوله بنيناها إذ البناء يلائم اليد
===
أى: وإن لم يكن هناك قرينة أصلا لم يفهم إلا القريب فيخرج اللفظ عن التورية.
(قوله: خفية) أى لأجل أن يذهب الوهم قبل التأمل إلى إرادة المعنى القريب، فلو كانت القرينة واضحة لم يكن اللفظ تورية لعدم ستر المعنى القريب للبعيد، واعلم أن خفاء القرينة لا يشترط أن يكون بالنسبة للمخاطب، بل يكفى ولو باعتبار السامعين كما فى الأطول.
(قوله: وهو استولى) أى فالاستواء كما يطلق على الاستقرار فوق الجسم يطلق على الاستيلاء على الشىء أى ملكه بالقهر والغلبة كما فى قول الشاعر:
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق
والمعنى الأول قريب والثانى بعيد، والمراد منه فى الآية المعنى البعيد أى الرحمن استولى (*) على العرش الذى هو أعظم المخلوقات، فأولى غيره، والقرينة على ذلك خفية وهى استحالة المعنى القريب وهو الاستقرار حسّا على الله تعالى فوق الجرم، وإنما كانت تلك القرينة خفية لتوقفها على أدلة نفى الجرمية وليست مما يفهمها كل أحد.
(قوله: ولم يقرن به شىء مما يلائم المعنى القريب) أى: فتكون مجردة لتجردها عما يرشح خفاءها وهو ذكر ما يلائم القريب، وقد يقال: العرش الذى هو السرير يلائم المعنى القريب الذى هو الاستقرار الحسى فلعل الآية من قبيل التورية المرشحة.
(قوله: مرشحة) ترك المصنف تعريفها لفهمه من تعريف المجردة بطريق المقابلة
(قوله: مما يلائم المعنى القريب) أى: المورى به عن المعنى البعيد المراد، واعلم أن ترشيح