(فبكى) ذلك الرجل. فظهور المشيب لا يقابل البكاء إلا أنه قد عبر عنه بالضحك الذى معناه الحقيقى مقابل البكاء (ويسمى الثانى: إيهام التضاد) لأن المعنيين قد ذكرا بلفظين يوهمان التضاد نظرا إلى الظاهر.
(ودخل فيه) أى: فى الطباق؛ ...
===
أى فهو من باب التعبير باللازم عن الملزوم لأن الضحك الذى هو هيئة للفم معتبرة من ابتداء حركة وانتهاء إلى شكل مخصوص يستلزم عادة ظهور بياض الأسنان، فعبر به عن مطلق ظهور البياض فى ضمن الفعل، فكان فيه تبعية المجاز المرسل، ويحتمل أن يكون شبه حدوث الشيب بالرأس بالضحك بجامع أن كلّا منهما معه وجود لون بعد خفائه فى آخر، ثم قدر استعارة الضحك لذلك الحدوث، واشتق من الضحك ضحك بمعنى حدث وظهر فهو استعارة تبعية، كذا فى ابن يعقوب. وفى الأطول: جعل الضحك كناية عن الظهور التام، إما لأن الظهور التام للشيب يجعل صاحبه مضحكة للناس، أو لأن الضحك يستلزم ظهور ما خفى من مستور الشفتين
(قوله: فبكى ذلك الرجل) أى بتذكر الموت أو للتأسف على زمان الشباب
(قوله: فظهور المشيب لا يقابل البكاء) بل يكاد أن يدّعى أن بينهما تلازما.
(قوله: ويسمى الثانى إيهام التضاد) أى فهو محسن معنوى باعتبار إيهام الجمع بين الضدين، أى باعتبار أنه يوقع فى وهم السامع أن المتكلم قد جمع بين معنيين متضادين، فلا يرد أنه جمع فى اللفظ فقط فيكون محسنا لفظيّا (وقوله: ويسمى الثانى إلخ) أى بخلاف الأول فإنه ليس له اسم خاص، بل هو عام وهو ملحق بالطباق. (قول: لأن المعنيين) أى الغير المتقابلين، والفرق بين التدبيج الذى فيه الكناية، وبين إيهام التضاد- مع أن فى كل منهما المعنيين المرادين لا تضاد بينهما ولكن يتوهم التضاد من ظاهر اللفظين باعتبار معنييهما الأصليين- أن الكناية التى فى التدبيج يصح أن يراد بها معناها الأصلى فينافى مقابله، بخلاف إيهام التضاد فلا يصح فيه معناه الأصلى.
(قوله: نظرا إلى الظاهر) أى ظاهر اللفظ، والحمل له على حقيقته الذى هو غير مراد.