يعنى: ارتدى الثياب الملطخة بالدم فلم ينقض يوم قتله، ولم يدخل فى ليلته إلا وقد صارت الثياب من سندس خضر من ثياب الجنة، فقد جمع بين الحمرة والخضرة؛ وقصد بالأول الكناية عن القتل، وبالثانى: الكناية عن دخول الجنة، وتدبيج التورية على قول الحريرى، فمذ اغبر العيش الأخضر، ...
===
غزا غزوة والحمد نسج ردائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر
تردى ثياب الموت إلخ وبعده:
كأنّ بنى نبهان حين وفاته ... نجوم سماء خرّ من بينها البدر (?)
كذا قيل، ولا يخفى أن جعله خبرا بعد خبر لا يلائم قول الشارح فى شرح البيت: " ولم يدخل فى ليلته إلا وقد صارت الثياب من سندس خضر من ثياب الجنة" فإنه ظاهر فى جعل الخضر صفة لسندس وهو الموافق للعرف من أنه إذا ذكر أصل الثوب يجعل اللون صفة للأصل لا للثوب، فالوجه أن يجعل خضر فى البيت خبر مبتدأ محذوف أى هى خضر، والجملة صفة لسندس، هكذا فى الأطول.
(قوله: يعنى ارتدى الثياب الملطخة بالدم) أى لبسها
(قوله: وقصد بالأول) أى بالوصف الأول وهو حمرة الثياب يعنى مع بقية الشطر، الكناية عن القتل؛ لأن التردى بثياب الموت حالة كونها حمرا يلزم منه القتل.
(قوله: وبالثانى الكناية عن دخول الجنة) أى وقصد بالوصف الثانى وهو خضرة الثياب الكناية عن دخول الجنة، لما علم أن أهل الجنة يلبسون الحرير الأخضر، وصيرورة هذه الثياب الحمر تلك الثياب الخضرة عبارة عن انقلاب حال القتل إلى حال التنعم بالجنة.
(قوله: وتدبيج التورية) أى: والتدبيج المشتمل على التورية، وهى أن يكون للفظ معنيان قريب وبعيد ويراد به البعيد (قوله فمذ اغبر) أى فمن حين اغبر العيش الأخضر، والذى فى مقامات الحريرى ذكر هذا بعد قوله وازور المحبوب الأصفر هكذا: فمذ ازور المحبوب الأصفر واغبر العيش الأخضر، واخضرار العيش كناية عن طيبه ونعومته