إشارة إلى أن هذه الوجوه إنما تعد محسنة للكلام بعد رعاية الأمرين. والظرف- أعنى قوله: بعد رعاية- ...
===
لأن الإضافة هنا للعهد، فكأنه يقول: علم يعرف به الأوجه المشار إليها فيما تقدم، وهى الوجوه التى تحسن الكلام وتورثه قبولا بعد رعاية البلاغة مع الفصاحة، وعلى هذا فقوله بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة تأكيد وبيان لما تقدم، فقول الشارح (إشارة إلى أن هذه الوجوه إلخ) المراد زيادة إشارة وتنبيه على أن هذه الوجوه إلخ، وإلا فجعل الوجوه إشارة لما سبق فيه تنبيه على ما ذكره، وإشارة أيضا إليه تأمل.
(قوله: بعد رعاية المطابقة) أى: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فأل فى المطابقة إما للعهد أو عوض عن المضاف إليه (وقوله: بعد رعاية المطابقة) أى: المعلومة بعلم المعانى، ولو قال بعد رعاية البلاغة كان أخصر. (وقوله: ورعاية وضوح الدلالة) أى: وبعد رعاية وضوح الدلالة المعلومة بعلم البيان.
(وقوله: أى الخلو عن التعقيد المعنوى) تفسير لوضوح الدلالة، وأما الخلو عن التعقيد اللفظى فهو داخل فى قوله بعد رعاية المطابقة لأن المطابقة لا تعتبر إلا بعد الفصاحة وهى تتوقف على الخلو عن التعقيد اللفظى، وحاصل كلامه أن تلك الأوجه إنما تعد محسنة للكلام إذا أتى بها بعد رعاية الأمرين:
الأمر الأول: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهذا يتضمن الخلو عن ضعف التأليف المبين فى النحو، والخلو عن الغرابة المبين فى اللغة، والخلو عن مخالفة القياس المبين فى الصرف، والخلو عن التنافر المدرك بالذوق، وذلك لأن المطابقة لا عبرة بها إلا بعد الفصاحة، والفصاحة تتوقف على الخلو عن هذه الأمور المبين بعضها فى تلك العلوم والمدرك بعضها بالذوق.
والأمر الثانى: وضوح الدلالة المبين فى علم البيان، ولما كان المبين فى الفن الثانى هو ما يزول به التعقيد المعنوى، فسر الشارح وضوح الدلالة بالخلو عن التعقيد المعنوى، ولم يفسره بالخلو عن التعقيد المعنوى واللفظى، وأدخلناه فيما توقفت عليه المطابقة من أمر الفصاحة لعدم بيانه فى الفن الثانى
(قوله: إنما تعد محسنة إلخ) أى وإلا كانت كتعليق