. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أظهر من الشكر بغير اللسان فى أداء المقصود؛ لخفاء الاعتقاد، واحتمال عمل الجوارح لغير الحمد، فهو أظهر أنواعه؛ ولذلك روى: " ما شكر الله عبد لم يحمده" (?) أى: ما أظهر نعمته كل الإظهار وكشف عنها عبد لم يثن عليه باللفظ، وإن اعتقد وعمل، فالمراد بالشكر فى الحديث إظهار النعمة، ولا يرد أن زيادة النعم مترتبة على الشكر لقوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (?)؛ لأنه ليس المراد بالشكر المقتضى لزيادة النعم فى الآية خصوص الشكر اللفظى، أعنى الشكر بخصوص لفظه، بل الشكر العرفى الشامل للثناء بغير لفظه، وخدمة الأركان، واعتقاد الجنان فى مقابلة النعمة، واختارها على مادة المدح للأمرين الأولين، وتنبيها على أنه تعالى فاعل مختار. واختار الجملة الفعلية المضارعية على الاسمية والماضوية؛ لإفادتها؛ لتجدد مضمونها على سبيل الدوام والاستمرار؛ ليناسب الحمد المحمود عليه هنا، وهو نعمة شرح الصدور للتخليص المذكور، وتنوير القلوب، المتجدد ذلك وقتا بعد وقت، بخلاف الماضوية؛ فإنها إنما تدل على الحدوث فقط، والاسمية تدل على الدوام فقط، فلا يناسبان المحمود عليه هنا، وأيضا المضارعية تدل على الأمرين معا، أعنى الحدوث الذى تدل عليه الماضوية، وعلى الاستمرار الدالة عليه الاسمية، وحينئذ فهى أشرف منهما، كذا قيل. ولكن اعترض بأن الاستمرار من وظائف الاسمية فقط- كما يأتى- إلا أن يقال: إن الذى تدل عليه الاسمية الاستمرار مجردا عن التجدد، والذى تدل عليه الجملة المضارعية الاستمرار مع التجدد.
ولما رأى بعض الأشياخ هذا الإشكال، قرر أن الجملة الفعلية المضارعية تدل على الاستمرار من حيث القرائن، وفيه أن الماضى كذلك يدل عليه بواسطة القرينة، اللهم إلا أن يقال: قوة دلالة الماضى على الانقطاع تعارض القرينة، فلم يعتبر فيه ذلك.
بقى شىء آخر، وهو أن الاستمرار التجددى لمضمون الجملة هنا محال؛ لأن