نحمدك ...
===
لو لم تكن نيّة الجوزاء خدمته ... لما رأيت عليها عقد منتطق
وكما فى قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (?). وبيانه هنا:
أن قوله: " بسم الله الرحمن الرحيم" فى قوة قولنا: لا أبتدئ إلا باسم الله؛ لأنه الرحمن الرحيم. وفيها أيضا الاستخدام بناء على أن المراد من اسم الجلالة اللفظ، وفى الرحمن ضمير يعود على الله باعتبار الذات، وفيها التفات على مذهب السكاكى؛ لأن مقتضى الظاهر فى التوجه له تعالى الخطاب، بأن يقال: باسمك اللهم، فعدل عن مقتضى الظاهر وقيل" بسم الله الرحمن الرحيم". وفيها أيضا الإدماج وهو أن يضمّن الكلام المسوق لغرض غرضا آخر، كما فى قوله:
أقلّب فيه أجفانى كأنّى ... أعدّ بها (?) على الدّهر الذّنوبا (?)
وبيان ذلك هنا: أن الغرض الأصلى من البسملة التبرك والاستعانة باسمه تعالى، فبعد أن ذكر هذا الغرض منها أدمج فيها الثناء على الله بكونه رحمانا رحيما.
(قوله: نحمدك) أى: نصفك بالجميل الذى أنت أهله؛ لأن الحمد: الثناء بالجميل، ومن المعلوم أن كل أوصافه جميلة، فكأنه قال: نصفك بكل صفة جميلة، ثم إن ذكر نعمتى شرح الصدور وتنوير القلوب، وإن احتمل أن يكون لمجرد تعيين المحمود، أو لمجرد براعة الاستهلال المتبادر منه أنه لأجل كونهما المحمود عليه، والمعنى: نحمدك يا من ... إلخ لأجل هذين الوصفين؛ لأن الموصول مع صلته فى معنى المشتق، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلية المشتق منه، وحينئذ فيرد ما يقال: إن هذا الحمد حمد وشكر، فلم اختار التعبير بالحمد على التعبير بالشكر؟ وأجيب: بأنه إنما اختار مادة الحمد على مادة الشكر لأمور ثلاثة:
الأول: الاقتداء بالقرآن الأعظم. الثانى: العمل بحديث: " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ب (الحمد لله) فهو أجذم" (?) على رواية ضم الدال. الثالث: أن الحمد اللغوى