أى: ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئية، أو أصول وقواعد معلومة ...

===

وذلك لأن البديع علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة كما يأتى، فلا جرم أنه لا تعلق له بالبلاغة، وإنما يفيد حسنا عرضيّا للكلام البليغ، وكلام الشارح المذكور يشير إلى أن البديع من توابع البلاغة وهو ما جزم به بعضهم خلافا لمن قال: إنه من تتمة علم المعانى، ولمن قال: إنه قال من تتمة علم البيان.

(قوله: أى ملكة) هى كيفية راسخة فى النفس حاصلة من كثرة ممارسة قواعد الفن

(قوله: يقتدر بها إلخ) الإتيان بهذا نظرا لشأن الملكة فى ذاتها وإن كان متروكا فى الملكة الواقعة فى التعريف؛ لئلا يلزم التكرار مع قوله: يعرف به إلخ

(قوله: أو أصول وقواعد معلومة) عطف على ملكة إشارة إلى أن المراد بالعلم هنا إما الملكة أو الأصول بمعنى القواعد المعلومة؛ لأن بها يعرف إيراد المعانى بطرق مختلفة فى الوضوح والخفاء وإنما قيد القواعد بالمعلومة؛ لأنه لا يطلق عليها علم بدون كونها معلومة من الدلائل وإنما كان المراد بالعلم هنا أحد الأمرين المذكورين؛ لأن العلم مقول بالاشتراك على هذين المعنيين فيجوز إرادة كل منهما، ولا يقال: يلزم على ذلك استعمال المشترك فى التعريف بلا قرينة معينة وذلك لا يجوز؛ لأنا نقول: محل منع استعمال المشترك فى التعريف إذا أريد أحد معنييه أو معانيه فقط، وأما إذا صح أن يراد به كل معنى فإنه يجوز كما هنا فإنه يجوز إرادة كل من الملكة والأصول كما أشار إليه الشارح؛ لأن علة المنع الوقوع فى الحيرة من جهة أنه لا يدرى المعنى المراد من المشترك، وهذا ينافى الغرض من التعريف من البيان والكشف على أن محل منع استعمال المشترك فى التعريف إذا لم يكن بين المعنيين مثلا استلزام، وأما إذا كان بينهما ذلك فإنه يجوز كما هنا؛ لأن تعريف كل منهما يستلزم الآخر؛ لأن الملكة كيفية راسخة فى النفس يقتدر بها على إدراكات جزئية والإدراكات الجزئية ينشأ عنها القواعد؛ لأن القواعد شأنها أن تحصل من تتبع الجزئيات، والقاعدة قضية كلية يتعرف منها أحكام جزئيات موضوعها والقضايا المذكورة ينشأ عنها الملكة بسبب ممارستها فقد استلزم كل منهما الآخر فكانا بمنزلة الشىء الواحد، فالمقصود حينئذ بالتعريف الذى يؤتى به لبيان الحقيقة واحد فكأنه لا اشتراك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015