قدمه على البديع للاحتياج إليه فى نفس البلاغة وتعلق البديع بالتوابع، (وهو علم) ...
===
الفن الثانى علم البيان
الفن عبارة عن الألفاظ كما هو مقتضى ظاهر قول المصنف أول الكتاب ورتبته على مقدمة إلخ، فإن جعل علم البيان عبارة عن المسائل احتيج لتقدير مضاف أى: مدلول الفن الثانى علم البيان أو الفن الثانى دال علم البيان، وإن جعل علم البيان عبارة عن الملكة أو الإدراك احتيج لتقدير مضاف آخر وهو متعلق.
(قوله: قدمه على البديع) أى: أتى به مقدما عليه لا أنه كان مؤخرا عنه ثم قدمه، وتقدم فى أول الفن الأول وجه تقديمه على البيان، وحاصله أنه قدم المعانى على البيان لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب؛ لأن رعاية المطابقة لمقتضى الحال التى هى مرجع علم المعانى معتبرة فى علم البيان مع زيادة شىء آخر وهو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة
(قوله: للاحتياج إليه فى نفس البلاغة) الأنسب بما بعده أن يقول: لتعلقه بالبلاغة وتعلق البديع بتوابعها وإنما كان علم البيان محتاجا إليه فى نفس البلاغة؛ لأنه يحترز به عن التعقيد المعنوى كما سبق وهو شرط فى الفصاحة وهى شرط فى البلاغة وشرط الشرط شرط، والحاصل أن الاحتراز عن التعقيد المعنوى مأخوذ فى مفهومها بواسطة أخذ الفصاحة فيه والاحتراز المذكور لا يتيسر لغير العرب العرباء إلا بهذا العلم، فما قاله بعضهم من أن علم البيان يحتاج إليه فى نفس البلاغة فى الجملة لا أنه لا تتم بلاغة كلام بدون أعمال علم البيان، إذ الكلام المركب من الدلالة المطابقية لا يحتاج فى تحصيل بلاغته إلا إلى علم المعانى، إذ لا حاجة إلى علم البيان فى الدلالة المطابقية كما ستعرف فليس بشىء؛ لأن المقصود احتياج بلاغة الكلام إلى علم البيان لا إلى أعماله، ولا شك أن الاحتراز عن التعقيد المعنوى لا يمكن إلا بعلم البيان
(قوله: وتعلق البديع بالتوابع) أى: توابع البلاغة؛