وَهُوَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ أَوْ بِالشَّكِّ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ قِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَلِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ الْمَطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَأْبَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الَّتِي عَلَّقَ بِهَا الشَّارِعُ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَتَعْبِيرِي بِمَحَلٍّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ.
(فَلَوْ سَافَرَ إلَى) مَحَلٍّ (بَعِيدٍ مِنْ مَحَلِّ رُؤْيَتِهِ) مَنْ صَامَ بِهِ (وَافَقَ أَهْلَهُ فِي الصَّوْمِ آخِرًا فَلَوْ عَيَّدَ) قَبْلَ سَفَرِهِ (ثُمَّ أَدْرَكَهُ) بَعْدَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ وَنِصْفِهَا، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا بَاطِلٌ. اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ نَبَّهَ التَّاجُ التَّبْرِيزِيُّ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَطَالِعِ لَا يُمْكِنُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا وَنَبَّهَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَفَتْ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِالشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ بِالْبَلَدِ الْغَرْبِيِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ، وَالْعَرْضُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ، وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ، وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ كُلٌّ وَقْتَ زَوَالِ بَلَدِهِ وَرِثَ الْغَرْبِيُّ الشَّرْقِيَّ لِتَأَخُّرِ زَوَالِ بَلَدِهِ انْتَهَتْ وَهَذَا الضَّبْطُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَطْلَعِ فَإِذَا رَآهُ مَنْ هُوَ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ كَأَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة فُصِّلَ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ بِالنَّظَرِ لِأَهْلِ مِصْرَ مَثَلًا مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْمَطْلَعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْعَكْسِ كَأَنْ رَآهُ أَهْلُ مِصْرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَطْلَعِ كَأَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَمَنْ دُونَهَا فِي جِهَةِ الْغَرْبِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَلْفَ فَرْسَخٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ الْأَبْعَدِ رُؤْيَةُ الْأَقْرَبِ فَلَا يَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ وَقَرَّرَهُ مِثْلُهُ شَيْخُنَا ح ف - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) مَا حُكْمُ تَعَلُّمِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ كَتَعَلُّمِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ وِفَاقًا ل م ر اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالسَّفَرِ، وَالْحَضَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَحَلٍّ تَكْثُرُ فِيهِ الْعَارِفُونَ أَوْ تَقِلُّ كَمَا قَدَّمَهُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الْمَطْلَعِ) الْمُرَادُ بِاخْتِلَافِهِ أَنْ يَتَبَاعَدَ الْمَحَلَّانِ بِحَيْثُ لَوْ رُئِيَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يُرَ فِي الْآخَرِ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: أَوْ بِالشَّكِّ فِيهِ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَبِنْ آخِرُ اتِّفَاقِهِمَا وَإِلَّا وَجَبَ الْقَضَاءُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَ حُكْمُهُ مَحَلًّا قَرِيبًا وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ بِاتِّحَادِ الْمَطْلَعِ لَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَقَوْلُهُ: وَغُرُوبُهُمَا غُرُوبُ الشَّمْسِ ظَاهِرٌ وَغُرُوبُ الْفَجْرِ بِانْمِحَاقِ أَثَرِهِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ لَكِنَّ هَذَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي نُسْخَةٍ وَغُرُوبِهَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لَا تَكْرَارَ فِيهَا. اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْمَفْهُومِ أَعْنِي قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ عَنْهُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ، وَقِيلَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ قُلْت هَذَا أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذْ أَمْرُ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا.
وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ كُرَيْبٌ قَالَ «رَأَيْت الْهِلَالَ بِالشَّامِ ثُمَّ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ قُلْت: لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ قَالَ: أَنْتَ رَأَيْته؟ قُلْت: نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى تَكْمُلَ الْعِدَّةُ فَقُلْت أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ قَالَ: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ) أَيْ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِمْ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ الْإِشْكَالِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ الْمَتْنُ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ فِي الْأُمُورِ الْمُسْتَقِلَّةِ أَمَّا فِي التَّابِعَةِ فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمْ فِيهَا وَثُبُوتُ حُكْمِ الْهِلَالِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَعِيدِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحُكْمِهِ فِي مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ سَافَرَ إلَى بَعِيدٍ. إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْآخَرِ وَهُوَ الْبَعِيدُ فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ مَنْ صَامَ بِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ انْتَهَتْ فَتُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مَحَلِّ رُؤْيَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِسَافِرِ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَفْهُومِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ عَنْهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ حُكْمُ الْهِلَالِ فِي مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ لَزِمَهُمْ حُكْمُ الْهِلَالِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَوْ سَافَرَ إلَى بَعِيدٍ. . . إلَخْ) لَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالصَّوْمِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِمَحَلٍّ وَسَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ فَوَجَدَهَا لَمْ تَغْرُبْ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ بِهِ) فَاعِلُ سَافَرَ (قَوْلُهُ: وَافَقَ أَهْلَهُ فِي الصَّوْمِ آخِرًا) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: آخِرًا أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ تِلْكَ الْبَلَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَوَجَدَهُمْ مُفْطِرِينَ لَمْ يُفْطِرْ وَهُوَ وَجْهٌ اهـ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: آخِرًا. . . إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِ خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ لَا بِقَوْلِهِ آخِرًا كَمَا لَا يَخْفَى.
وَعِبَارَةُ