. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَهُ كَالْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْمَرِيدُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَالْبَصِيرُ وَالسَّمِيعُ لَا يُقَالُ مُقْتَضَى حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ الْآتِي أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا بَلْ بِلَفْظِ اسْمٍ لِأَنَّا نَقُولُ كُلُّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى اسْمٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَارِدٌ عَلَى مَدْلُولِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَضَرَبَ فِعْلٍ فَقَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ أَبْتَدِئُ مَعْنَاهُ أَبْتَدِئُ بِمَدْلُولِ اسْمِهِ وَهُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِاَللَّهِ أَبْتَدِئُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ لِأَنَّ التَّبَرُّكَ وَالِاسْتِعَانَةَ بِذِكْرِ اسْمِهِ أَيْضًا أَوْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالتَّيَمُّنِ أَوْ لِتَحْصِيلِ نُكْتَةِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فِي أَلْفَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَوْضِعًا وَأَصْلُهُ إلَهُ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِأَنَّهُ يُوصَفُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْمٍ تَجْرِي عَلَيْهِ صِفَاتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سِوَاهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَصْفًا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ لَا إلَهَ تَوْحِيدًا مِثْلَ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ فَهُوَ مُرْتَجَلٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَتِلْمِيذِهِ الْغَزَالِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ وَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَابْنِ كَيْسَانَ وَغَيْرِهِمْ.
1 -
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ أَعْرَفُ الْمَعَارِفِ فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك فَقَالَ خَيْرًا كَثِيرًا لِجَعْلِي اسْمَهُ أَعْرَفَ الْمَعَارِفِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَيْضًا وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلَهَ بِمَعْنَى عَبَدَ وَقِيلَ: مِنْ أَلِهَ إذَا تَحَيَّرَ لِأَنَّ الْعُقُولَ تَتَحَيَّرُ فِي مَعْرِفَتِهِ أَوْ مِنْ أَلِهْت إلَى فُلَانٍ أَيْ سَكَنْت إلَيْهِ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَطْمَئِنُّ بِذِكْرِهِ وَالْأَرْوَاحَ تَسْكُنُ إلَى مَعْرِفَتِهِ أَوْ مِنْ أَلِهَ إذَا فَزِعَ مِنْ أَمْرٍ نَزَلَ عَلَيْهِ وَأَلَهَهُ غَيْرُهُ أَجَارَهُ أَوْ أَلِهَ الْفَصِيلُ إذَا وَلِعَ بِأُمِّهِ أَوْ مِنْ وَلِهَ إذَا تَحَيَّرَ وَتَخَبَّطَ عَقْلُهُ وَكَانَ أَصْلُهُ وِلَاهٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ هَمْزَةً لِاسْتِثْقَالِ الْكِسْرَةِ عَلَيْهَا وَقِيلَ: أَصْلُهُ لَاهٌ مَصْدَرُ لَاهَ يَلِيهِ لَيْهًا وَلَاهًا إذَا احْتَجَبَ وَارْتَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَصَارَ كَالْعَلَمِ أُجْرِيَ مُجْرَاهُ فِي إجْرَاءِ الْأَوْصَافِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْوَصْفِ بِهِ وَعَدَمِ تَطَرُّقِ احْتِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَيْهِ لِأَنَّ ذَاتَهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِلَا اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ حَقِيقِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ لِلْبَشَرِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ لَمَا أَفَادَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3] مَعْنًى صَحِيحًا وَلِأَنَّ مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ وَهُوَ كَوْنُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ فِي الْمَعْنَى وَالتَّرْكِيبُ حَاصِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ اهـ وَهُوَ عَرَبِيٌّ خِلَافًا لِلْبَلْخِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ رَحِمَ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ أَوْ بِجَعْلِهِ لَازِمًا وَنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ وَالرَّحْمَةُ لُغَةً رِقَّةُ الْقَلْبِ وَانْعِطَافٌ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ فَالرَّحْمَةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى مَعْنَاهَا إرَادَةُ الْإِحْسَانِ فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ أَوْ الْإِحْسَانُ فَتَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ فَهُوَ إمَّا مَجَازٌ فِي الْإِحْسَانِ أَوْ فِي إرَادَتِهِ وَإِمَّا اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ بِأَنْ مُثِّلَتْ حَالُهُ تَعَالَى بِحَالِ مَلَكٍ عَطَفَ عَلَى رَعِيَّتِهِ وَرَقَّ لَهُمْ فَعَمَّهُمْ مَعْرُوفُهُ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَأُرِيدَ غَايَتُهُ الَّتِي هِيَ إرَادَةٌ أَوْ فِعْلٌ لَا مَبْدَؤُهُ الَّذِي هُوَ انْفِعَالٌ وَقَدَّمَ اللَّهَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ اسْمُ ذَاتٍ وَهُمَا أَسْمَاءُ صِفَاتٍ وَقَدَّمَ الرَّحْمَنَ عَلَى الرَّحِيمِ لِأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ إذْ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الرَّحِيمِ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِمْ عَالِمٌ نِحْرِيرٌ وَجَوَادٌ فَيَّاضٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْعَلَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْحَقِيقِيُّ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا وَذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهُ عَلَمًا وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ النِّعَمِ وَأُصُولِهَا ذَكَرَ الرَّحِيمَ لِيَتَنَاوَلَ مَا دَقَّ مِنْهَا وَلَطَفَ لِيَكُونَ كَالتَّتِمَّةِ لَهُ وَالرَّدِيفِ وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ وَالْأَبْلَغِيَّةُ تُؤْخَذُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْكِمِّيَّةِ وَلِهَذَا قِيلَ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ يَخُصُّ الْمُؤْمِنَ وَتَارَةً بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ وَلِهَذَا قِيلَ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَ الدُّنْيَا لِأَنَّ النِّعَمَ الْأُخْرَوِيَّةَ كُلَّهَا جِسَامٌ وَأَمَّا النِّعَمُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَجَلِيلَةٌ وَحَقِيرَةٌ وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَنَدْمَانَ وَنَدِيمٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا وَقِيلَ: الرَّحِيمُ أَبْلَغُ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي أَرْبَعَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَأَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي الْقُرْآنِ وَأَوْدَعَ مَا فِي الْقُرْآنِ