لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ
(وَسُنَّ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بِمَحَلِّهَا (جَمَاعَةٌ فِي ظُهْرِهِ) فِي وَقْتِهَا لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْجَمَاعَةِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنْ ظَهَرَ لَمْ يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْإِخْفَاءِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ وَمَرِيضٍ يَرْجُو الْخِفَّةَ (تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا وَيَحْصُلُ الْفَوْتُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ فَوْتِهَا الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَ وَقْتِهِ إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا
(وَ) سُنَّ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ كَامْرَأَةٍ وَزَمِنٍ (تَعْجِيلُهَا) أَيْ الظُّهْرِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هَذَا اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ) أَيْ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] اهـ. شَيْخُنَا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّوْمُ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الِاسْتِيقَاظِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَمَنَعَهُ م ر وَأَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ لَهُ جَوَازُ انْصِرَافِ الْمَعْذُورِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِمْ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالنَّوْمُ هُنَا عُذْرٌ قَائِمٌ بِهِ كَالْمَرَضِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ بَعْدَ حُضُورِهِ الْمَسْجِدَ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْمُكْثِ لَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْرٌ فِي الِانْصِرَافِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَهْجُمُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ) أَيْ مِنْ الْفَجْرِ وَلَا يَجِبُ قَبْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسَعْ قَبْلَهُ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَحَلِّهَا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ ش م وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِالْبَلَدِ تُسَنُّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ شِعَارُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِخْفَاؤُهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ش م ر وَفِيهِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا إخْفَاءُ أَذَانِ الظُّهْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَنَّ إخْفَاؤُهَا) بَلْ يُسَنُّ الْإِظْهَارُ وَأَمَّا عَكْسُهُ الْمُتَقَدِّمُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ كَانَ فِي أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) أَيْ رَجَاءً قَرِيبًا اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) وَمَحَلُّ صَبْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ الْفَوْتُ) أَيْ هُنَا فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي حَقِّ أَهْلِ الْوُجُوبِ لَا يَفُوتُ إلَّا بِالسَّلَامِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ش م ر وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْ إدْرَاكِهَا بِأَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِهَا هُنَا انْتَهَتْ
(تَنْبِيهٌ) : أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ بِبَلَدٍ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَهَلْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْجُمُعَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةُ الْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْيَأْسِ يَقِينًا وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ الَّتِي هِيَ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُتَوَقَّعٍ لَمْ يُعَارِضْ مُتَيَقِّنًا وَهَذَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْهَا ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ لَمْ يَصِحَّ ظُهْرُهُمْ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ وَاجِبِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ ش م ر (قَوْلُهُ: بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِكَوْنِهِ بِمَحَلٍّ لَا يَصِلَ مِنْهُ لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ إلَّا، وَقَدْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ) وَكَذَا لَوْ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْأَعْذَارَ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ لَا مُرَخِّصَاتٌ فِي التَّرْكِ وَبِهِ فَارَقَ وُجُودَ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ لِلرُّخْصَةِ، وَقَدْ زَالَتْ. اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَقَبْلَ أَنْ تَفُوتَ الْجُمُعَةُ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ حِينَئِذٍ وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُ قَضَاءُ ظُهْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ ظُهْرٍ فَعَلَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَفُتْ وَالظُّهْرُ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَعَ قَضَاءً عَنْ هَذَا الظُّهْرِ، وَهَكَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ مَكَثَ مُدَّةً يُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَثَلًا قَبْلَ وَقْتِهَا يَلْزَمُهُ مَغْرِبٌ وَاحِدٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَعْدَ الْعِتْقِ هُوَ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ اهـ. سم هـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا) أَيْ لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ تَعْجِيلُهَا) وَلَوْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْمَعْذُورِ وَأَيِسَ مِنْهَا لَزِمَهُ فِعْلُ الظُّهْرِ فَوْرًا؛ لِأَنَّ الْعِصْيَانَ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا شَبِيهٌ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِذَا فَعَلَهَا فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً خِلَافًا لِكَثِيرِينَ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ صَارَ لَهَا اهـ. حَجّ وَأَفْتَى الشَّارِحُ فِيمَنْ لَزِمَتْهُ فَفَاتَتْهُ فِي بَلَدِهِ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا فِيهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهَا فِيهِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ بِأَنَّهَا تَلْزَمُهُ وَلَمْ يُجْزِهِ الظُّهْرُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَيْهَا اهـ. وَمَا قَالَهُ فِي بَلَدِهِ وَاضِحٌ وَفِي غَيْرِهَا