بَلَغَهُ فِيهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعْتَدِلَ سَمْعٍ صَوْتٌ عَالٍ عَادَةً فِي هُدُوٍّ) أَيْ سُكُونٍ لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ (مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ أَوْ مُسَافِرٍ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَوِي (مِنْ مَحَلِّهَا) أَوْ مُسَافِرٍ لِمَعْصِيَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» ، وَالْمُسَافِرُ لِمَعْصِيَةٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصِ.
فَلَا جُمُعَةَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأَلْحَقَ بِالْمَرْأَةِ فِيهِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ وَأَلْحَقَ بِالْمَرِيضِ فِيهِ نَحْوَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَلِّقٌ بِبَلَغَ وَفَاعِلُهُ صَوْتٌ وَمُعْتَدِلٌ حَالٌ مِنْ الْمُقِيمِ وَقَوْلُهُ فِي هُدُوٍّ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِبَلَغَ، وَقَوْلُهُ يَلِيهِ أَيْ يَلِي الْمُسْتَوِيَ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِقِسْمَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مُقِيمٍ بِصُورَتَيْهِ وَعَلَى الْمُسَافِرِ لِلْمُسْتَوِي مِنْ مَحَلِّهَا أَيْ خَرَجَ مِنْ مَحَلِّهَا إلَى ذَلِكَ الْمُسْتَوِي وَتَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْمُسَافِرِ لِمَعْصِيَةٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بَلَغَهُ فِيهِ صَوْتٌ) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهُ نِدَاءُ جُمُعَةٍ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ بِالْفِعْلِ لِمَانِعٍ أَوْ لِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ إلَيْهِ اهـ. مِنْ الْحَلَبِيِّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: عَالٍ أَيْ مُعْتَدِلٍ وَكَوْنُهُ بِالْأَذَانِ لَيْسَ قَيْدًا وَلَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ فَحُضُورُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا جَمَاعَةً أَوْلَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَوْلَى مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَبْعَدِ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ سُكُونً لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ) اُعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ بُلُوغِ الْأَذَانِ وَاعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَرْيَاحِ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تُعِينُ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَمْنَعُ مِنْهُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ) لَعَلَّ ضَابِطَهُ مَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ إقَامَتِهِ فَمَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ لَهُ مِنْ مَحَلِّهَا) أَيْ وَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا إنْ سَمِعَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ فَلَوْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهَا لَكَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُسْتَوِي) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْحَصَادَيْنِ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ نِدَاءَ مَحَلِّهِمْ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ وَإِنْ سَمِعُوهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ هُنَا يَشْمَلُ الْقَصِيرَ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ سَمِعُوا لَكِنْ خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ مَالِهِمْ، وَكَذَا إنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ وَسَمِعُوا أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا إنْ خَافُوا عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَا قَصْرَ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الرُّخَصِ لِعَاصٍ بِهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِالْمُسْتَوِي وَالْمُسَافِرِ لَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى الْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ وَعَلَى الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا بِالتَّأَسِّي.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى صَبِيٍّ) وَيَجِبُ أَمْرُهُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ كَمَا مَرَّ وَيُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْقِنِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِهَا وَيُسْتَحَبُّ لِعَجُوزٍ فِي بِذْلَتِهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَيْضًا فِي حُضُورِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْجَمَاعَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِمَرِيضٍ أَطَاقَ وَضَابِطُهُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِحُضُورِهَا مَشَقَّةٌ كَمَشَقَّةِ مَشْيِهِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ اهـ. ش م ر وَقَوْلُهُ: وَلِعَجُوزٍ فِي بِذْلَتِهَا أَيْ حَيْثُ أَذِنَ زَوْجُهَا أَوْ كَانَتْ خَلِيَّةً وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْحُضُورُ لِلشَّابَّةِ وَلَوْ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) نَعَمْ إنْ أَفَاقَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَزِمَهُ فِعْلُهَا وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا) إنْ قُلْت: الْقَضَاءُ فَرْعُ الْوُجُوبِ وَهُنَا لَا وُجُوبَ قُلْت: هُوَ فَرْعُهُ غَالِبًا اهـ. ح ل - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَةِ الرَّقِيقِ نَفْسِهِ اهـ ش م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ. اهـ. ح ل أَيْ الشَّدِيدَانِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُمَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمَا اسْتَشْكَلَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ الْجُوعَ وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ بِهِ وَبِأَنَّهُ كَيْفَ يُلْحَقُ فَرْضُ الْعَيْنِ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ مُسْتَنَدُهُمْ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: الْجُمُعَةُ كَالْجَمَاعَةِ رُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهُوَ مَنْعُ قِيَاسِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ بَلْ صَحَّ بِالنَّصِّ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ أَعْذَارِهَا فَأَلْحَقُوا بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا هُوَ كَمَشَقَّتِهِ أَوْ أَشَدُّ وَهُوَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَمَا قَالُوهُ ظَاهِرٌ وَبِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ مُقَرِّرٌ لِمَا سَلَكُوهُ لَا أَنَّهُ الدَّلِيلُ لِمَا ذَكَرُوهُ وَمِنْ الْأَعْذَارِ هَا هُنَا مَا لَوْ تَعَيَّنَ الْمَاءُ لِطُهْرِ مَحَلِّ نَحْوِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا بِحَضْرَةِ نَاسٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نَظَرُهُمْ لِعَوْرَتِهِ وَلَا يَغُضُّونَ بَصَرَهُمْ عَنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُهَا؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْكَشْفَ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَشَقَّةِ كَثِيرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا نَعَمْ هُوَ جَائِزٌ لَوْ أَرَادَ تَحْصِيلَهَا فَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَشْفُ وَعَلَى الْحَاضِرِينَ غَضُّ الْبَصَرِ إذْ الْجُمُعَةُ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْوَقْتِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَيْضًا اشْتِغَالُهُ بِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ اهـ ش م ر أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُجَهِّزُ مِمَّنْ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ بِالْمَيِّتِ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ بَلْ الْمُتَبَرِّعُ بِمُسَاعِدَةِ أَهْلِهِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ