(لِكُلِّ مُزَكٍّ) لِيَبْحَثَ عَنْ حَالِ مَنْ ذَكَرَ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ فِي نَفْسِهِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ (ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمَبْعُوثُ بِمَا عِنْدَهُ بِلَفْظِ شَهَادَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَتِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيَكْفِي) أَشْهِدْ عَلَيَّ بِشَهَادَتِهِ (أَنَّهُ عَدْلٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَعَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَزِيَادَةُ لِي وَعَلَيَّ تَأْكِيدٌ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الْبَلَدِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ إلَى الْقَاضِي (وَشَرْطُ الْمُزَكِّي كَشَاهِدٍ) أَيْ كَشَرْطِهِ (مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ) أَيْ بِأَسْبَابِهِمَا (وَخِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (أَوْ مُعَامَلَةٍ) لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِمَّا يَشْهَدُ بِهِ مِنْ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ) كَزِنًا وَسَرِقَةٍ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ وَلَا يُجْعَلُ بِذِكْرِ الزِّنَا قَاذِفًا، وَإِنْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّهُ مَسْئُولٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُمْ قَذَفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى السِّتْرِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ (وَيَعْتَمِدُ فِيهِ) أَيْ الْجَرْحِ (مُعَايَنَةً) كَأَنْ رَآهُ يَزْنِي (أَوْ سَمَاعًا مِنْهُ) كَأَنْ سَمِعَهُ يَقْذِفُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ اسْتِفَاضَةً) أَوْ تَوَاتُرًا أَوْ شَهَادَةً مِنْ عَدْلَيْنِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ وَثَانِيهمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ أَمَّا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ فَيَعْتَمِدُونَ الْمُزَكِّينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا الْجَوَازَ ذَكَرُوا حِينَئِذٍ الْقَدْرَ الْمَشْهُودَ بِهِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ لِكُلِّ مُزَكٍّ) فَيَبْعَثُ كُلًّا مِنْ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ لِكُلِّ مُزَكٍّ لِلشَّاهِدَيْنِ وَانْظُرْ هَلْ لِلْمُزَكِّينَ ضَابِطٌ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ فَيَكْتَفِي بِاثْنَيْنِ لِكُلِّ شَاهِدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَةِ جَمِيعِ جِيرَانِهِ وَأَصْحَابِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِكُلِّ مُزَكٍّ حَرِّرْ.
اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمُزَكِّيَيْنِ فَقَطْ لِلشَّاهِدَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَيْ فَالرَّسُولَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَكِّيَيْنِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ الرَّسُولِ عَنْ قَوْلِ الْمُزَكِّي شَهَادَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رَسُولَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُزَكِّيَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْعَثُ أَرْبَعَةً اثْنَيْنِ لِهَذَا وَاثْنَيْنِ لِذَلِكَ بَلْ يَبْعَثُ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُزَكَّيَيْنِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمَبْعُوثُ) أَيْ، وَهُوَ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْمَبْعُوثِ مِمَّا فَهِمَهُ مِنْ حَالِ الْمُزَكَّيَيْنِ اهـ شَيْخُنَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ بِقَوْلِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَهُوَ مَا نَقَلَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَأَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا بَعْدَ أَنْ نَقَلَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّيَيْنِ اهـ سم (قَوْلُهُ إنَّهُ عَدْلٌ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ لَا بِالْفِعْلِ فَالْمُرَادُ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْمُزَكِّي بِأَنَّهُ عَدْلٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّسُولَ يَشْهَدُ بِالْعَدَالَةِ بَلْ بِشَهَادَةِ الْمُزَكِّي بِهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَعَلَيَّ) قَالَ الْقَفَّالُ: مَعْنَى قَوْلِ الشَّاهِدِ عَدْلٌ عَلَيَّ أَوْلَى أَيْ لَيْسَ عَدُوًّا لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيَّ وَلَيْسَ بِابْنٍ لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِي قَالَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ ز ي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدْلِ عَدَاوَةٌ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْعَدْلُ بِأَنْ يَقُولَ عَلَيَّ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ اهـ عَنَانِيٌّ
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ) أَيْ شَهَادَةُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْمُزَكِّيَيْنِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ أَيْ الْمُزَكَّيَيْنِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ عُذْرًا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْمُزَكِّي) أَيْ الشَّاهِدِ بِالْعَدَالَةِ لِيَشْمَلَ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ مُزَكٍّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَيْ كَشَرْطِهِ أَيْ مِنْ إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ وَذُكُورَةٍ وَعَدَالَةٍ وَعَدَمِ عَدَاوَةٍ وَعَدَمِ أَصْلِيَّةٍ أَوْ فَرْعِيَّةٍ فَالتَّزْكِيَةُ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا الذُّكُورُ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ امْرَأَةً وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُزَكِّي رَجُلًا اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ أَيْ الْمُزَكِّي الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ شَرْطُ الْمَبْعُوثِ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ خِبْرَةِ بَاطِنِهِ اهـ (قَوْلُهُ بِجَرْحٍ) هُوَ بِالضَّمِّ أَثَرُ الْمَصْدَرِ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ أَيْ التَّجْرِيحُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْفَتْحُ حَيْثُ قَالَ أَيْ بِأَسْبَابِهِمَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَنْ يَعْدِلُهُ) الْأَوْلَى إبْرَازُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ الصِّلَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَنْ يُعَدِّلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَارِحِ خِبْرَةُ بَاطِنِ مَنْ يَجْرَحُهُ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ لَا يُقْبَلُ إلَّا مُفَسَّرًا قَالَهُ حَجّ وم ر اهـ (قَوْلُهُ أَوْ مُعَامَلَةٍ) فَقَدْ شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ اثْنَانِ فَقَالَ لَهُمَا لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّ كَمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا قَالَ لَا قَالَ هَلْ عَامَلْتهمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تَعْرِفُ بِهِمَا أَمَانَاتِ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ أَيْ يَكْشِفُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ اهـ ح ل وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَرْحِ وَسَبَبِهِ وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ هُوَ الْفِسْقُ أَوْ رَدُّ الشَّهَادَةِ وَسَبَبُهُ نَحْوَ الزِّنَا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَلَوْ عَلِمَ لَهُ مُجَرِّحَاتٍ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ وَجَدَ لَهُ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْغَرِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَى الْعَدَالَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَأَنْ سَمِعَهُ يَقْذِفُ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ ذَلِكَ كَبِيرَةً وَسَمِعَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَوْجَهُ) مُعْتَمَدٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَمَّا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ) وَهُمْ الْمُسَمَّوْنَ الْآنَ بِالرُّسُلِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ فَيَعْتَمِدُونَ الْمُزَكِّينَ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ خِبْرَةُ الْبَاطِنِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ أَمَّا الْمَنْصُوبُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ سُؤَالُهُ عَنْ الْجَرْحِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: بَلْ يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ كَمَا فِي